إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 10 يونيو 2011

حزب العداله والتنميه التركى ومصر الحديثه

جاء فى استطلاع راى حديث ان شعبيه الرئيس التركى رجب اردوغان 78فى المائه ونشر الخبر فى جريده المصرى اليوم
فهل يستحق اردوغان هذه النسبه ام لا الاجابه على السؤال فى هذا البحث

رجب طيب أردوغان ولد في 26 فبراير من عام 1954 م في حي قاسم باشا أفقر أحياء اسطنبول

لأسرة فقيرة من أصول قوقازية
تلقى رجب تعليمه الابتدائي في مدرسة حيه الشعبي مع أبناء حارته ،

ويحكى أن مدرس التربية الدينية سأل الطلاب عمن يستطيع أداء الصلاة في الفصل ليتسنى للطلاب أن يتعلموا منه ، رفع رجب يده ولما قام ناوله المدرس صحيفة ليصلي عليها ، فما كان من رجب إلا أن رفض أن يصلي عليها لما فيها من صور لنساء سافرات ! ..

دهش المعلم وأطلق عليه لقب ” الشيخ رجب ” .
أمضى حياته خارج المدرسة يبيع البطيخ أو كيك السمسم الذي يسميه الأتراك السمسم ، حتى يسد رمقه ورمق عائلته الفقيرة
ثم انتقل بعد ذلك إلى مدرسة الإمام خطيب الدينية حتى تخرج من الثانوية بتفوق .
ألتحق بعد ذلك بكلية الاقتصاد في جامعة مرمره
بالرغم من اهتماماته المبكرة بالسياسة إلا أن كرة القدم كانت تجري في دمه أيضا ، يكفي بأن أقول أنه أمضى 10 سنوات لاعبا في عدة أندية !

فصل من الجيش من أجل شاربه
بعد إلتحاقه بالجيش أمره أحد الضباط حلق شاربه ( الشارب يعتبر ضد القوانين الكمالية ) فلما رفض كان قرار فصله طبيعياً !

زواجه من المناضلة
يقول الكاتب التركي جالموق في كتابه الذي ألفه عن أردوغان : بدأت قصة زوجه من رؤيا رأتها أمينة المناضلة الإسلامية في حزب السلامة الوطني ، رأت فارس أحلامها يقف خطيبا أمام الناس – وهي لم تره بعد – وبعد يوم واحد ذهبت بصحبة الكاتبة الإسلامية الأخرى شعلة يوكسلشلنر إلى اجتماع حزب السلامة وإذا بها ترى الرجل الذي رأته في منامها .. رأت أوردغان .. وتزوجوا بعد ذلك واستمرت الحياة بينهما حتى وصوله لسدة الحكم مشكلين ثنائيا إسلاميا جميل .. لهما اليوم عدد من الأولاد .. أحد الأولاد الذكور سُمي ” نجم الدين ” على اسم استاذه نجم الدين أربكان من فرط اعجابه وإحترامه لإستاذه ، وإحدى بناته تدرس في أمريكا لعدم السماح لها بالدراسة في الجامعة بحجابها !

أردوغان في السياسة
بدأ اهتمامه السياسي منذ العام 1969 وهو ذو 15 عاما ، إلا أن بدايته الفعلية كانت من خلال قيادته الجناح الشبابي المحلي لحزب ” السلامة أو الخلاص الوطني ” الذي أسسه نجم الدين أربكان ، ثم أغلق الحزب وكل الأحزاب في تركيا عام 1980 جراء انقلاب عسكري ، بعد عودت الحياة الحزبية انضم إلى حزب الرفاه عام 1984 كرئيس لفرع الحزب الجديد ببلدة بايوغلو مسقط رأسه وهي أحدى البلدات الفقيرة في الجزء الأوربي في اسطنبول ، وما لبث أن سطع نجمه في الحزب حتى أصبح رئيس فرع الحزب في اسطنبول عام 1985 وبعدها بعام فقط أصبح عضوا في اللجنة المركزية في الحزب .

رئيس بلدية اسطنبول
لا يمكن أن أصف ما قام به إلا بأنه انتشل بلدية اسطنبول من ديونها التي لغت ملياري دولار إلى أرباح واستثمارات وبنمو بلغ 7% ، بفضل عبقريته ويده النظيفة وبقربه من الناس لاسيما العمال ورفع أجورهم ورعايتهم صحيا واجتماعيا ، وقد شهد له خصومه قبل أعدائه بنزاهته وأمانته ورفضه الصارم لكل المغريات المادية من الشركات الغربية التي كانت تأتيه على شكل عمولات كحال سابقيه !
بعد توليه مقاليد البلدية خطب في الجموع وكان مما قال : ” لا يمكن أبدا أن تكونَ علمانياً ومسلماً في آنٍ واحد. إنهم دائما يحذرون ويقولون إن العلمانية في خطر.. وأنا أقول: نعم إنها في خطر. إذا أرادتْ هذه الأمة معاداة العلمانية فلن يستطيع أحدٌ منعها. إن أمة الإسلام تنتظر بزوغ الأمة التركية الإسلامية.. وذاك سيتحقق! إن التمردَ ضد العلمانية سيبدأ ”
ولقد سؤال عن سر هذا النجاح الباهر والسريع فقال

” لدينا سلاح أنتم لا تعرفونه إنه الإيمان ، لدينا الأخلاق الإسلامية وأسوة رسول الإنسانية عليه الصلاة والسلام ” .
رجب طيب أردوغان في السجن
للنجاح أعداء ، وللجرأة ضريبة ، وبدأ الخصوم يزرعون الشوك في طريقة ، حتى رفع ضده المدعي عام دعوى تقول بأنه أجج التفرقة الدينية في تركيا وقامت الدعوى بعد إلقاءه شعرا في خطاب جماهيري- وهو مميز في الإلقاء – من ديوان الشاعر التركي الإسلامي ضياء كوكالب الأبيات هي :
مساجدنا ثكناتنا
قبابنا خوذاتنا
مآذننا حرابنا
والمصلون جنودنا
هذا الجيش المقدس يحرس ديننا
فأصدرت المحكمة بسجنه 4 أشهر .. وفي الطريق إلى السجن حكاية أخرى

وفي اليوم الحزين توافدت الحشود إلى بيته المتواضع من اجل توديعه وأداء صلاة الجمعة معه في مسجد الفاتح ، وبعد الصلاة توجه إلى السجن برفقة 500 سيارة من الأنصار ! .. وفي تلك الأثناء وهو يهم بدخول السجن خطب خطبته الشهيرة التي حق لها أن تخلد .
ألتفت إلى الجماهير قائلا : ” وداعاً أيها الأحباب تهاني القلبية لأهالي اسطنبول وللشعب التركي و للعالم الإسلامي بعيد الأضحى المبارك ، سأقضي وقتي خلال هذه الشهور في دراسة المشاريع التي توصل بلدي إلى أعوام الألفية الثالثة والتي ستكون إن شاء الله أعواماً جميلة ، سأعمل بجد داخل السجن وأنتم اعملوا خارج السجن كل ما تستطيعونه ، ابذلوا جهودكم لتكونوا معماريين جيدين وأطباء جيدين وحقوقيين متميزين ، أنا ذاهب لتأدية واجبي واذهبوا أنتم أيضاً لتأدوا واجبكم ، أستودعكم الله وأرجو أن تسامحوني وتدعوا لي بالصبر والثبات كما أرجو أن لا يصدر منكم أي احتجاج أمام مراكز الأحزاب الأخرى وأن تمروا عليها بوقار وهدوء وبدل أصوات الاحتجاج وصيحات الاستنكار المعبرة عن ألمكم أظهروا رغبتكم في صناديق الاقتراع القادمة “

أيضا في تلك الأثناء كانت كوسوفا تعاني ، وبطبيعة الحال لم يكن لينسى ذلك رجب الذي كان قلبه ينبض بروح الإسلام على الدوام، فقال ” أتمنى لهم العودة إلى مساكنهم مطمئنين في جو من السلام، وأن يقضوا عيدهم في سلام، كما أتمنى للطيارين الأتراك الشباب الذين يشاركون في القصف ضد الظلم الصربي أن يعودوا سالمين إلى وطنهم “
حزب التنمية والعدالة
بعد خروجه من السجن بأشهر قليلة قامت المحكمة الدستورية عام 1999بحل حزب الفضيلة الذي قام بديلا عن حزب الرفاه فانقسم الحزب إلى قسمين ، قسم المحافظين وقسم الشباب المجددين بقيادة رجب الطيب أردوجان وعبد الله جول وأسسوا حزب التنمية والعدالة عام 2001 .
خاض الحزب الانتخابات التشريعية عام 2002 وفاز بـ 363 نائبا مشكلا بذلك أغلبية ساحقة ومحيلا أحزابا عريقة إلى المعاش !
لم يستطع أردوغان من ترأس حكومته بسبب تبعات سجنه وقام بتلك المهمة صديقه عبد الله جول الذي قام بالمهمة خير قيام ، تمكن في مارس من تولي رئاسة الحكومة بعد إسقاط الحكم عنه . وابتدأت المسيرة المضيئة ..

أردوغان يصلح ما أفسده العلمانيون
بعد توليه رئاسة الحكومة .. مد يد السلام ، ونشر الحب في كل اتجاه ، تصالح مع الأرمن بعد عداء تاريخي ، وكذلك فعل مع أذربيجان ، وأرسى تعاونا مع العراق وسوريا .. ، ولم ينسى أبناء شعبه من الأكراد ، فأعاد لمدنهم وقراهم أسمائها الكردية بعدما كان ذلك محظورا ! ، وسمح رسميا بالخطبة باللغة الكردية ، و أفتتح تلفزيون رسمي ناطق بالكردية ! .. كل هذا وأكثر ..
مواقفه من إسرائيل
العلاقة بين تركيا وإسرائيل مستمرة في التدهور منذ تولي أردوغان رئاس الحكومة التركية ، فمثلا إلغاء مناورات “ نسور الأناضول ” التي كان مقررا إقامتها مع إسرائيل و إقامة المناورة مع سوريا ! ، التي علق عليها أردوغان : ” بأن قرار الإلغاء احتراما لمشاعر شعبه ! ” إ، أيضا ما حصل من ملاسنة في دافوس بينه وبين شمعون بيريز بسبب حرب غزة ، خرج بعدها من القاعة محتجا بعد أن ألقى كلمة حق في وجه ” قاتل الأطفال ” ، دم أردوغان المسلم يغلي حتى في صقيع دافوس ! ، واُستقبل في المطار عند عودته ألاف الأتراك بالورود والتصفيق والدعوات !

.. أعلن عن فوز هذا البطل بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام ..

هذا الرجل ابن الرجال الذي دمعت عيناه على جرحى غزة ، هذا الرجل الذي تحركت فيه مشاعر الاسلام والاخوة ومشاعر الانسانية من اجل اهل غزة الذين يفتك بهم الفسفور الابيض ... فحسبنا الله ونعم الوكيل

هذا الرجل العظيم له التقدير والاحترام من ابناء الشعب الفلسطيني .. فهو رجل يوازي كل حكام العرب الذين لم يحرك الـ6000 شهيد وجريح ولا ذرة من نخوة العرب او اخوة الاسلام او حتى الانسانية التي يجب ان تكون اقل ما يتحرك في نفس الانسان لغزة .. مصر والسعودية والاردن .. هذه الدول وراء كل ما يحدث لشعب الفلسطيني في غزة ...















ااا


الرئيس التركى اردوغان معروف بمواقفه الرائعه والجاده خارجيا وداخليا ولمواقفه الرائعه ضد اسرائيل ووقوفه مع الثورات العربيه وكلمته التى وجهها الى مبارك قائلا فيها (كلنا فانون ولسنا مخلدون عليك ان تسمع لنداء العقل وتنفذ مطالب شعبك)ونفس الكلمه وجهها الى القذافى وبشار الاسد ووقوفه ضد المذابح التى يرتكبها بشار الاسد فى درعا وحماه خير دليل على صدق الرجل ويكفيه فخرا مواقفه من القضيه الفلسطينيه واهل غزه فقد فعل فعلا ما لم يسبقه له حاكم عربى
واردوغان رغم مواقفه المتعدده الرائعه الا انه مثار جدل ونقد عند البعض
وقد يرى البعض انه هناك اختلافا واضحا بعد وصول اردوغان الى الحكم فى تركيا حيث تغيرت العلاقه التى كانت قائمه بين تركيا واسرائيل واصبحت فى مهب الريح فقد كانت تركيا بفعل حكم العسكر وسيطره الجيش والعلمانيين على الحكم مواليه تماما لليهود فى تل ابيب ونجاح اردوغان وخليفته عبد الله جول اضفى تغيرا بالغا على تلك العلاقه حتى اعلن المحللون ان زمن موالاه تركيا لاسرائيل قد انتهى بوجود اردوغان
ويرى المحللون ايضا ان اردوغان يتكلم بلغه الخلافه العثمانيه القديمه التى حاربها الغرب والعرب معا حتى تخلصوا منها نهائيا ورغم تمسك السلفيين والجماعات الاسلاميه بمساله الخلافه الان الا انهم ينكرون الخلافه العثمانيه وانهم اول من حاربوها وقد حاربها محمد بن عبد الوهاب قديما بالجزيره العربيه واحرق وسفك الدماء وقاتل باسم الدين ومعاركه لم تكن من اجل الدين ابدا لان الاسلام لم يدعوا لمحاربه الاخوان ومنازعه الامر اهله ولم يامر الاسلام بقتل المسلم للمسلم وانما كانت دعوه محمد بن عبد الوهاب بقصد السيطره والرئاسه وتملك زمام الامور فلم تكن لفرض الاسلام لان الاسلام لم يدعوا لسفك الدماء والتعاون مع الغرب الكافر ضد المسلمين ابناء الخلافه العثمانيه
ويرى المحللون ان اردوغان امتدادا للخلافه العثمانيه وان مواقفه تشبه مواقف سليم الاول او السلطان عبد الحميد وانه من هذا النسب الشريف الذى حمى الاسلام زمنا ودافع عنه
واردوغان فى نظر بعض الناس كالسلفيين انه رجل علمانى ولا يقبلون بحكم كحكم اردوغان لتركيا رغم ان اردوغان ابن العثمانيين والسلفيين لا يرون فى اردوغان مثالا للحكم الاسلامى رغم ان البعض يرون اننا بحاجه ماسه لحاكم كاردوغان والحقيقه ان الاستطلاع الذى اجرته المصرى اليوم يثبت ان الشعب المصرى يتمنى حاكما كاردوغان فالنسبه رائعه تستحق التقدير ويشكك البعض فى تلك الاستطلاعات ويراها مفبركه
ولو نظرنا لنظام الحكم على يد اردوغان لوجدنا انه يشبه الحكم الاسلامى تماما وقريب من الديمقراطيه اى توافقى وهو نظام منفتح على العالم يسعى للتقدم العلمى والثقافى والعسكرى وهذا ما حدث بالفعل فى عهد اردوغان فقد نهضت تركيا نهضه صناعيه واقتصاديه عظيمه حتى كان قرارها من نفسها وليس بيد الغرب فحينما يملك الانسان قراراه لا يستطيع ان يتحكم فيه احد وحين يملك وسائل عيشه بقوه لا يستطيع احد ان يفرض عليه رايه واردوغان رجل ذكى وعصرى وحوارى ومنفتح على العالم ناهيك عن انه حاكم مسلم فى المقام الاول فهو يشبه مهاتير محمد بماليزيا قديما
ويرى السياسيون عندنا انهم يرون فى النظام الاردوغانى قوه واهميه فما فعله اردوغان بتركيا من تقدم ورقى جدير بان نتبنى ذلك النظام الرائع الاسلامى
لقد نشرت جريده الشرق الاوسط ملفا خاصا فى عام 2007 عن تركيا الحديثه من اتاتورك وحتى اردوغان جاء على حلقات وجاء فيه
(في تركيا دولة واحدة وهويات عديدة. أهل اسطنبول، غير أنقرة، غير قونيا، غير أزمير، غير ديار بكر، غير ماردين، غير بورصة، غير إزميت. لكل مدينة ومنطقة في هذه الدولة المعقدة جغرافيا وتاريخيا شخصيتها وهويتها، والكل فخور جدا بخصائصه. وإذا أردت أن تفهم الاتراك يجب أن تبدأ من مسلمة ان الاتراك شعب فخور جدا. ليس فخورا بإسلامه فقط وبحضارته فقط او بمعماره وتاريخه وفنه واقتصاده وديمقراطيته وانفتاحه الثقافي والاجتماعي وتوجهه نحو اوروبا فقط. هو فخور بكل هذه الاشياء دون ان يعطي لأي منها الأفضلية. اسطنبول هي «قلب» تركيا وعاصمة تاريخها كله، فهي كانت عاصمة الدولة العثمانية (1299- 1922)، وقبل ذلك كانت بتسميتها الأولى القسطنطينية عاصمة الامبراطورية البيزنطية. وهي حاليا عاصمة الاقتصاد والاعلام والسينما والفن والموسيقي والعمارة. والأتراك مختالون بها وهي مدينة مختالة بنفسها، وبموقعها الاستراتيجي النادر فهي تضع قدما في اسيا وقدما في أوروبا، ويقسمها مضيق البوسفور الذي يفصل البحر الأسود عن بحر مرمرة، وبالتالي أينما وليت وجهك ترى البحر في كل مكان.
مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا وأبوها الروحي، من حبه لاسطنبول وخوفه عليها، قرر ان يحميها من محاولات القوى الكبرى للاستيلاء عليها، فاختار أنقرة عاصمة بدلا منها، وكان هو ومساعدوه في حال حزن عندما وضع امامه خريطة تركيا، ثم نظر ووضع خطا بالقلم عند أنقرة لتكون هي العاصمة الجديدة. أنقرة باتت «العقل»، العاصمة الرسمية ومركز الوزارات ومؤسسات الحكم. أما ديار بكر فتحولت من مجرد مدينة في جنوب شرقي تركيا الى «العاصمة السياسية للأكراد» في العالم. وعلى الشمال منها مدينة «تونسيلي» التي قصفت بالصواريخ على يد الجيش التركي عام 1938 من اجل قمع تمرد أهالي المدينة، ومنذ ذلك الحين أصبحت المدينة مركزا لليسار التركي، ومنها خرجت الحركات اليسارية بكل أشكالها وأطيافها، كما خرج منها أبرز الكتاب اليساريين في تركيا. على الجانب الاخر، مدينة أزمير، التي تعد رمزا للعلمانية والحياة على الطريقة الغربية والتحديث. واذا كانت هناك مدينة تركية واحدة يمكن ان تعبر عن «الاسلام المحافظ»، فإن قونيا هي هذه المدينة. فسمعة اهالي قونيا أنهم متدينيون حريصون على ممارسة شعائر دينهم. اما المدينة نفسها، فإنها مشهورة بكونها معقل نفوذ للحركات والأحزاب الاسلامية. في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، كانت المدينة معقل حركة نجم الدين أربكان زعيم حزب الرفاة وأول رئيس وزراء اسلامي في تاريخ تركيا. وفي السنوات الاخيرة، أثبتت قونيا مرة اخرى انها معقل للمحافظين، اذ ان 65% من سكانها صوتوا لصالح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية في يوليو (تموز) الماضي. وهي مدينة مولانا جلال الدين الرومي الذي خرجت من افكاره التصوفية طريقة «المولوية» إحدى أهم الطرق الدينية في تركيا، والذي أثر في فهم الأتراك للإسلام كما لم يفعل احد من قبله او بعده، ففي منازل الاتراك ومتاجرهم ومؤسساتهم الخاصة ستجد دائما اشعار الرومي معلقة على أحد الحوائط، وأكثرها شعبية بيته الشعري الذي يلخص كل فلسفته في التسامح وقبول الآخر والاحتفال بالتنوع «تعالى.. تعالى.. بغض النظر عن من انت». الكثير من الاتراك عندما تتحدث اليهم يقولون لك: من غير الرومي لم يكن لتركيا بكل هذه الاعراق والطوائف والديانات ان تتعايش معا بكل هذا القدر من الانسجام. فبحكم امتداد الدولة العثمانية على 3 قارات، تتنوع أعراق تركيا بين الاتراك الذين يشكلون نحو 70% من السكان، والأكراد الذين يشكلون نحو 20% من السكان، والأرمن والتركمان والاشوريين واليونانيين والالبانيين والبوسنيين والبلغار والجورجيين والشركس والشيشان والعرب وغيرهم من الأعراق. ومع ان لكل مدينة تركية وإثنية أو عرق هوية خاصة بها، الا ان الجميع في النهاية أتراك. لكن الأتراك عندما يتحدثون عن أنفسهم لا يقولون إنهم أتراك بل «أهل الأناضول» أو «الاناضوليين». فالأناضول هي شبه الجزيرة الجبلية بغرب اسيا التي تشكل معظم اراضي الدولة التركية وتسمى «آسيا الصغرى»، وهي المركز الذي هاجر اليه الاتراك الأوائل وكونوا دولتهم. كان يكفي تركيا تركيبتها الجغرافية المعقدة والثرية والتي جلبت لها على مر التاريخ خيرات وويلات كثيرة. فهي تقع بين آسيا وأوروبا (97% من أراضيها في آسيا و3% في أوروبا). في جنوبها العراق وسورية والبحر المتوسط، وفي غربها بحر ايجة واليونان وبلغاريا، وفي شرقها جورجيا وإيران وأرمينيا وأذربيجان، وفي شمالها البحر الأسود، أي تحدها 8 دول، لكل دولة تأثيرها الاستراتيجي على تركيا بحسب المصالح والعلاقات، كما تحدها 3 بحار، من كل بحر يأتي أعداء وأصدقاء. كان يكفي تركيا التعامل مع خصوصية كونها ايضا موزعة الهوية بين اوروبا من جهة والاسلام والشرق من جهة اخرى. لكن تركيا الجمهورية التي ولدت من رحم الحرب والصراع الدولي للاستيلاء عليها خلال السنوات الاخيرة من عمر الدولة العثمانية اعتادت على الازمات. فلم يكن مفجعا ان تستيقظ خلال الاشهر الماضية على نزاع مفتوح بين العلمانيين والاسلاميين على هوية الجمهورية (مقترحات لبس الحجاب وتخصيص مساجد صغيرة في المؤسسات الحكومية للصلاة مثلا). كما لم يكن مفاجئا ان تجد نفسها في مواجهة مفتوحة داخليا (مع الاكراد) وخارجيا (مع اميركا والعراق والمجتمع الدولي) بسبب خططها للدخول الى شمال العراق لتصفية معاقل حزب العمال الكردستاني. هذه الازمات الداخلية والخارجية تجعل تركيا اليوم في مهب رياح الشرق الاوسط، ومهب اوروبا، ومهب اميركا ومهب اسيا. لكن لا يخشى الاتراك المواجهات، كما يعرفون مقدار تأثيرهم. وعندما يتعلق الأمر بالمصالح القومية التركية، لا ينتظر الأتراك سماع ما تريده او تفضله اميركا او غيرها من القوى الدولية او الاقليمية. المزاج اليوم في تركيا مزاج تحد ومواجهة، فهناك شعور بأن تركيا في وضع داخلي واقليمي ودولي صعب، وهي لن تقف متفرجة على احتمال انفصال أكراد العراق بدولة مستقلة مثلا، ولن تسمح بأن تظل قواعد حزب العمال الكردستاني موجودة في شمال العراق بدون تدخل عسكري اميركي او عراقي واضح للتصدي لهم. ولا يخشى الاتراك غضب اميركا. «نحن لا تهمنا اميركا. اذا قررنا الدخول لشمال العراق لمصالح تركيا العليا سنفعل هذا. الاتراك لا يهمهم استياء اميركا»، يقول أكرم دومانلي رئيس تحرير صحيفة «زمان» التركية لـ «الشرق الاوسط». ويتخوف الاتراك من ان في هذا المناخ الاقليمي المفتوح على كل الاحتمالات، بما في ذلك تحول ايران الى قوى عظمى في المنطقة اذا ما طورت اسلحة نووية «في هذه الحالة ستكون تركيا من الخاسرين الكبار، ان لم تكن الخاسر الأكبر»، كما قال لـ«الشرق الأوسط» سيرهات اركمين الباحث في معهد «اسام» التركي للأبحاث الاستراتيجية. وفي خضم هذه التطورات الاقليمية والدولية ينظر الأتراك للتاريخ طويلا، ويعطون اهتماما خاصا للطريقة الاستثنائية التي تطوروا بها كأمة وكدولة. ويقول المفكر التركي شريف ماردين لـ «الشرق الاوسط» في هذا الصدد: «عندما يفكر المرء في كل الظواهر في تركيا.. عليه ان يفكر في ماض صاغ خصوصية تركيا، وجعلها استثناء عما حولها». فمثلا مفهوم الدولة كان حاضرا لدى العثمانيين منذ القرن 13 إذ أن أنها سميت «دولت عالية عثمانية»، أما شعارها فكان «دولت أبد مدت» أي «الدولة الابدية». وبالتالي اذ يشعر الأتراك بخطر على مصالحهم لا يشعرون بخطر على وجودهم. فتاريخهم يحميهم، فأتراك تركيا اليوم تعود اصولهم الى العرق التركي الغزى او الاوغوز، وهؤلاء يعتبرون اجداد الأتراك الجنوب غربيين الذي يضم أتراك تركيا وقبرص والبلقان واليونان وبلغاريا وتركمانستان وايران، ويعتبر الأتراك الاوغز مؤسسو امبراطوريات كبيرة منها السلجوقية والعثمانية والصفوية. وقد اعتبرت الدولة العثمانية نفسها امتدادا للامبراطورية البيزنطية الرومانية. فعندما فتح محمد الفاتح القسطنطينية في 29 مايو (أيار) 1453 وسقطت الامبراطورية الرومانية، اعتبر محمد الفاتح الدولة العثمانية وثقافتها وتقاليدها مزيجا بين الاسلام وبين الثقافة الرومانية، وبالتالي تميزت الدولة العثمانية بتنوع عرقي ولغوي وديني كبير منذ بدايتها الاولى، كما تميزت بإعطاء الأقليات الدينية والعرقية حرية في تنظيم شؤونهم بعيدا عن التدخلات المركزية. ولمدة 6 قرون كانت الدولة العثمانية موزعة ثقافيا وسياسيا واقتصاديا بين الشرق والغرب. والمكون الغربي في ثقافتها اصيل وجزء حقيقي من تكوينها. وبينما لم يحتك العرب بالغرب الا بوصفهم مستعمرين، احتك الاتراك بالغرب لستة قرون بوصفهم حكاما لهم، ومن هنا شعور الاتراك بالفخر وشعورهم بالأهمية. فهم يعرفون ان دورهم وتأثيرهم في الشرق الأوسط مهم جدا للغرب ولاميركا، ومهم لدول المنطقة. كما يعرف الأتراك حجم الضغوط عليهم، «تركيا هي الدولة المهمة للغرب ولاميركا في الشرق الاوسط .. اذا خسروا تركيا، خسروا كل شيء»، كما قال نجم الدين اربكان, أبو الاسلام السياسي التركي لـ «الشرق الاوسط». وبالتالي تتجه أعين القوى الإقليمية والدولية الى تركيا اليوم. اما قرارات تركيا فتصنع في مدينتين تتقاسمان السلطة والنفوذ، فالقرارات السياسية تصدر من العاصمة الرسمية أنقرة. فيما القرارات الاقتصادية تصدر من اسطنبول, العاصمة الاقتصادية.
اسطنبول تنفتح على «ميدان تقسيم» الذي اسس عام 1928 للاحتفال بإقامة الجمهورية التركية، كما تنفتح على «مدرسة جلطة سراى» التاريخية، مدرسة النخبة منذ الدولة العثمانية وحتى اليوم. هي اذا مدينة القوى الاقتصادية والاعلامية والثقافية.
وفي وسط المدينة التاريخي جامع محمد الفاتح وآيا صوفيا والمسجد الأزرق. يحب الاتراك اسطنبول وأي تركي مولود في اسطنبول يبدأ اولا بعبارة «انا اسطنبولي». واسطنبول هي بابل العصرية، ففي «شارع استقلال» اكبر شوارعهــا تسمع عبــارات بالعربي والعبري والانجليزي والايطالي والاسباني والياباني والصيني والتركي والفارسي في الوقت نفسه. وعلى المحلات التجارية تجد لافتات صغيرة مكتوب عليها: لدينا متحدثين بالعربية، او متحدثين بالفرنسية او بالفارسية، ودائما بالعربي عبارة «لدينا مقاسات اكس لارج». «ميدان تقسيم» هو «شانزليزيه» اسطنبول فيه كل المحلات التجارية الراقية، والمكتبات والمقاهي والمطاعم والفنادق. وعندما تسير في الميدان، الذي لا يهدأ ولا ينام، تسمع الموسيقى من كل اتجاه، فالمحلات والمكتبات ترفع اصوات الموسيقى داخلها لجذب السائحين، بينما يقف دائما عدد من الشباب الذي ربما لم يعثر على عمل يعزف الموسيقى بالجيتار أو بالناي، ولن تعدم مشاهدة شباب يأخذهم الجذل يرقصون في الميدان. ولهذا يهرب الفنانون والكتاب والصحافيون والموسيقيون والرسامون الى اسطنبول. «هذه مدينة بوهيمية جميلة. يكفى الموسيقى، لن تجدي مكانا على الارض تصدح فيه كل هذه الموسيقى في وقت واحد»، تقول اديبة سوزان احدى نائبات حزب العدالة والتنمية في البرلمان التركي. وتوضح سوزان، التي كانت ترتدي سترة زرقاء أنيقة ولا ترتدي الحجاب، لـ «الشرق الاوسط»: «اسطنبول هي المدينة التي تعبر عن كل تركيا. الانفتاح والتاريخ جنبا الى جنب».
وتتميز اسطنبول بجدرانها البيزنطية وكنائسها التي تعود لفترة الامبراطورية الرومانية، كما تمتاز بمساجدها العثمانية وقصور السلاطين العثمانيين، وبناطحات السحاب التي بنيت حديثا، ففي المدينة عصور وأزمنة كثيرة تتعايش كلها جنبا الى جنب، وبالتالي الى جانب ناطحات السحاب، تجد المتسولين والكلاب والقطط الضالة بكثرة في شوارعها.
والمساجد القديمة في اسطنبول هي التي تعطيها مذاقها كعاصمة اسلامية، ففي الواقع لم تبن اي مساجد كبيرة في اسطنبول منذ الحرب العالمية الثانية، ويوجد في اسطنبول 2500 مسجد، اي بمعدل مسجد لكل 4 آلاف شخص. أما الكنائس الارذوكسية فهى كثيرة بسبب الوجود اليوناني والأرمني الذي تناقص خلال العقود الماضية من أكثر من 300 الف الى عدة آلاف فقط الآن. وبالنسبة للاتراك فإن اسطنبول هى المثال الذي يتطلع اليه باقي السكان، فيقال «أكل اسطنبول»، و«فاكهة اسطنبول»، و«أزياء اسطنبول»، و«محلات اسطنبول»، و«طريقة كلام اهالي اسطنبول»، حتى باتت كلمة «اسطنبولي» وصفا لكل ما هو جيد وراقي المستوى.
واسطنبول، أكبر المدن التركية، عدد سكانها يزيد على 14 مليون نسمة، وهذا العدد ربما لن يرتفع كثيرا خلال السنوات القليلة المقبلة، اذ ان الصناعات بدأت تنتقل من اسطنبول الى مدن أخرى، على رأسها ازمير. وهي عاصمة السينما والفن والمسارح والموسيقى والرواية والانتاج الثقافي الشعبوي والنخبوي، وعاصمة السياحة والاقتصاد. ففيها 13% من سكان تركيا، و21% من سكان الحضر، و11% من اليد العاملة، و30% من الاستثمارات الصناعية، و40% من حجم التجارة، و21% من الناتج القومي التركي. على الرغم من الجمال الطبيعي الذي تتميز به اسطنبول، إلا أنها مدينة قاسية، والحياة فيها صعبة على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، فمتوسط الاسعار فيها يزيد بنحو 4 مرات عن متوسط الاسعار في أنقرة. والحياة الاجتماعية فيها غربية الطابع، فالناس تشتكي من انتشار مفاهيم الأنانية والفردية، وضعف الروابط العائلية، وارتفاع نسبة الجريمة ربما بسبب كونها ملتقى العمالة الوافدة من المدن التركية الفقيرة. ولذلك وبالرغم من كونها أكثر المدن كوزموبوليتانية، الا ان فيها «غيتوهات»، من الاكراد وباقي المهاجرين الذين يأتون اليها.
واحيانا يشتكي اهالى اسطنبول من ان أنقرة بسبب تمركز البيروقراطية والوزارات المختلفة فيها اخذت الكثير من حصة اسطنبول المالية، وأن هذا سبب الفقر في أحيائها والعشوائيات التي ما زال الكثير منها موجودا حتى الان بالرغم من كل المحاولات. فعندما تم اقرار انقرة كعاصمة عام 1923، كانت اسطنبول في حالة سيئة، وبنيتها التحتية متعبة ومرهقة من الحرب. وخلال حكم اتاتورك وبسبب الانهماك في حرب الاستقلال، ثم الانهماك في بناء الدولة التركية الحديثة لم تبن في اسطنبول الا منطقة سكنية حول المنطقة التي عاش فيه اتاتورك، بخلاف هذا ظلت المدينة كما بناها العثمانيون بكل بنيتها التحتية. وظل الوضع هكذا خلال الاربعينيات، فبسبب الحرب العالمية الثانية، لم يتم الانفاق على البنية التحتية، ولم تتغير اوضاع المدينة الا في الخمسينيات، عندما تزايدت هجرة الاتراك من القرى المختلفة الى اسطنبول، فاتسع حجم البناء والتعمير والمساكن العشوائية التي بناها المهاجرون والتي يطلق عليها «جيشكوندو» اي «أقيمت في الليل» لأن المهاجرين كانوا لابد ان يضعوا سقوفا على بيوتهم العشوائية خلال 48 ساعة، والا كان من حق السلطات المحلية ازالة هذه المباني بدون أمر قضائي. ولان السياسيين كانوا حريصين على أصوات المهاجرين في الانتخابات، فقد أحجموا عن هدم المباني العشوائية، وبدلا من ذلك مدوها بالمياه والكهرباء، وساعد انتشار مافيا الأراضي الذين كانوا يستولون على أراض تتبع للدولة ويبيعونها للمهاجرين على انتشار العشوائيات. وحاولت الحكومات العديدة في تركيا إيلاء اسطنبول الاهتمام المناسب، وكثيرا ما تردد ان عمدة اسطنبول السابق، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، قال ان خدمة المدينة وسكانها «نوع من العبادة». لكن المدينة ايضا «كعب أخيل» البلد ونقطة ضعفه، فالعشوائيات كانت في السبعينات والثمانينيات سببا في الكثير من المشاكل السياسية والاجتماعية، وفي التسعينيات خرج منها اسلاميون متشددون وآخرون أكثر اعتدالا مثل اردوغان، لكنها تظل نقطة حساسة. في عام 1960 ارتفع عدد سكان المدينة الى مليون ونصف وقام عدنان مندريس باول تحسينات كبرى في اسطنبول، وتم بناء اول جسر على مضيق البوسفور والذي انتهى العمل منه 1973. ووصفت احزاب اليسار ساعتها بناء الجسر بأنه اهدار للمال العام، لكن الحقيقة هي أن الجسر أدي الى تنمية الجزء الأسيوي من اسطنبول والذي يعيش فيه ثلث سكان المدينة، وكان مهملا وفقيرا مقارنة بالجزء الذي يقع في الجانب الاوروبي. التحولات في اسطنبول التي بدأها مندريس اخذت دفعة خلال حكم تورغوت اوزال الذي انتخب رئيسا للوزراء عام 1983 وعمدة المدينة النشط آنذاك بدر الدين دالان الذي ازال كل ورش العمل من منطقة الخليج الذهبي على البوسفور، وبدأ مهمة تطهير المنطقة وتوسيع الساحل وبناء طرق جديدة على البوسفور، كما بنى جسرا ثانيا يربط بين ضفتيه. بعد دالان تم انتخاب نور الدين زوزان كعمدة، وبدأ العمل في مشروع مترو الانفاق. واسطنبول مدينة ملوثة بسبب عدد سكانها الكبير، الا انه في التسعينيات دخل الغاز الطبيعي الذي يأتي من روسيا عبر البلقان المدينة، مما أدى الى تحسين نظافتها، فهناك مليون ونصف المليون سيارة، ونصف مليون اتوبيس وشاحنة ودراجة بخارية تسير في الشوارع يوميا.
ويعتمد اقتصاد اسطنبول على الخدمات، فهي المركز الرئيسي للبنوك والشركات، وبسبب هذا تعد المدينة مركز جذب كبير للمهاجرين بشكل دائم او للمسافرين بشكل دوري، فمحطة الباصات الرئيسية في اسطنبول والتي تقع على الخليج الذهبي سجلت عام 2002 حوالي 80 الف مسافر في اليوم، فالباصات لا تربط اسطنبول بباقي المدن التركية، بل اسطنبول بالبلقان وروسيا وعدد من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق واوروبا والشرق الاوسط. وتعد السياحة سببا اساسيا لكون اسطنبول مركزا للسفر، ففي صيف 2002 مثلا مر على اسطنبول 20 مليون مسافر. أما العاصمة أنقرة فهى تعيش على هاجس عبارة «اجمل شيء في أنقرة هو ان تخرج منها»، وهي عبارة للشاعر التركي يحيى كمال قالها معبرا عن شعوره حيال انقرة في السنوات الاولى بعد اختيارها عاصمة، ففي ذلك الوقت كان بها فندق واحد جيد هو «أنقرة بالاس» وكان بها مطعم واحد جيد هو كاربش، الذي كان جنود الحلفاء يأكلون فيه، وملهى ليلي واحد جيد هو «ثريا». اليوم في انقرة افضل فنادق الخمسة نجوم وافضل المطاعم بسبب وجود كل السفارات فيها، والمؤسسات الحكومية. لكن هناك اشياء لا يشتريها المال ومنها التاريخ، فمليارات الدولارات التي انفقت على انقرة من اجل بنائها وبناء بنيتها التحتية، جعلت منها مدينة حديثة نظيفة، لكنها ظلت مدينة بلا تاريخ طويل، وفي نظر الكثيرين بلا روح. ففي وسط انقرة ستقع عينك على ما يعتبره الاتراك واحدا من اهم معالمها التاريخية وهو مبني البرلمان القديم الذي اسسه اتاتورك وشهد اعلان الجمهورية 1923. في أنقرة مقر الحكومة ومقرات الوزارات، والبرلمان والجيش والسفارات الاجنبية ويزورها 10 الاف شخص كل يوم لانهاء معاملات مع الحكومة. لكن المجال الذي تتقدم فيه انقرة هو استضافة الجامعات. ففيها 6 جامعات 4 حكومية و2 خاصة وتضم 140 الف طالب جامعي اي 9% من الطلاب في تركيا ومن افضل الجامعات فيها جامعة «الشرق الاوسط التكنولوجية» وهي جامعة تستخدم اللغة الانجليزية، و«جامعة بيلكنت» الخاصة وأدى وجود طلاب الى زيادة المكتبات والمقاهي والمطاعم في منطقة كيزيلاي وينيشهر بوسط انقرة. في عام 1940 ومع اجراء اول تعداد سكاني كان عدد سكان انقرة 188 الفا، واعتقد هرمان جانسين المهندس الألماني الذي اختاره اتاتورك بنفسه للتخطيط لانقرة كعاصمة ان عدد سكان انقرة يمكن ان يرتفع الى 300 الف في غضون خمسين عاما لكن عام 1980 كان عدد سكان المدينة وصل الى مليونين و200 الف وبحلول عام 2000 وصل عدد السكان الى 3 ملايين و200 الف لتصبح ثاني اكبر مدينة في تركيا. وتعتمد انقرة على شبكة مواصلات من القطارات الحديثة التي تعمل وسط المدينة (انقري) والعربات واخيرا الجسور التي سهلت عدم اختناق الطرق، والمترو الذي يسير من غرب المدينة الى شرقها ومحطتة الاساسية بوسط انقرة في «كيزيلاي». ويحب اهالي انقرة ان يقال عنهم انهم اطيب واهدأ واكثر تحضرا من اهالي اسطنبول لكن أنقرة مملة ايضا. ويطبق الاتراك والاجانب عبارة: «اجمل شيء في انقرة هو ان تغادرها»، فما ان ينهي السياسيون والدبلوماسيون فترة خدمتهم، حتى يتوجهون الى اسطنبول رغم تلوثها وازدحامها. وللمفارقة، فإن تركيا اليوم التي تنقسم حول نفسها في الكثير من القضايا، يتفق ابناؤها سواء كانوا علمانيين او اسلاميين على أنهم جميعا «كماليون»، فالجميع يريد تركيا عضوا في الاتحاد الاوروبي. تركيا دولة عصرية حديثة، متسامحة، ومنفتحة على ماضيها وحاضرها، امة متعلمة، فالتعليم شيء مهم جدا لدى الاتراك, لكنهم يختلفون على كيفية تحقيق ذلك.



(نجم الدين اربكان أول رئيس وزراء اسلامي في تاريخ تركيا ليس مجرد زعيم سياسي بين انصاره، بل زعيم روحي وديني كذلك. زائروه من أعضاء حزبه وأنصاره ينحنون عندما يصافحونه ويقبلون يده 3 مرات. هذا الرجل الذي يبلغ من العمر81 عاما، والذي لا يستطيع ان يمشي او يقف بمفرده بسبب مشاكل في فقرات العمود الفقري، ودائما برفقته مساعدين يمسكانه من اليمين واليسار، ذهنه ما زال حاضرا، ويستطيع الكلام لساعات بدون ان تبدو عليه أثار التعب. في الانتخابات الماضية لف اربكان المدن التركية وخطب لساعات في اطار حملة حزب السعادة الاسلامي. وما زالت اثار الهندسة الميكانيكية المهنة التي تركها اربكان للسياسة بعد ان طور محركات ديزل جلبت له شهرة كبيرة، حاضرة في طريقة كلامه. فهو يقسم كل شيء الى أرقام. 5 عوامل ساهمت في فوز حزب العدالة والتنمية، 4 اسباب ادت لاطاحتنا من الحكومة. لكن وبينما يشعر الكثير من الاتراك بالتفاؤل بسبب النجاحات الاقتصادية لحكومة رجب طيب اردوغان، يرى الكثير من الاسلاميين الاتراك الذين لا يتفقون مع حكومة حزب العدالة ان سياسات اردوغان تخدم الاغنياء وليس الفقراء. ففي عام 2002 كان في تركيا 3 أسر فقط تمتلك كل منها نحو مليار دولار، في عام 2007 ارتفع هذا العدد الى 26 أسرة. ويشعر اربكان بقلق وتشاؤم إزاء مستقبل الاقتصاد التركي بسبب سياسات اردوغان الذي وصفه بأنه «تلميذ فاشل هرب من المدرسة من الباب الخلفي»، ولا يبدو اربكان سعيدا ابدا بتلميذه اردوغان، الذي يتصل بين الحين والآخر ليطمئن على صحته، ويقول «ان هذه الاتصالات لا تعني شيئا». ووجه اربكان اللوم الى «الشرق الاوسط»، وقال إنها ساعدت على تلميع صورة اردوغان في العالم العربي والاسلامي، وعندما ردت الصحيفة اننا نلتزم الحياد، وان الكثير من قراء «الشرق الاوسط» يعتزون باربكان وتجربته خلال رئاسته للوزراء في تركيا، رد اربكان ضاحكا: «صحيفة الشرق الاوسط مثل الشعب التركي تحبنا، لكنها تدعم حزب العدالة والتنمية».
40 عاما وأكثر قضاها اربكان في السياسة التركية لم تأخذ شيئا من حيويته، وهو لا يفكر في التقاعد الان، بل في الانتخابات المقبلة. اما ما يدفع اربكان للتحرك بكل طاقته فهو شعور عميق بالقلق والخوف على مستقبل تركيا. يرى اربكان، وهناك كثيرون مثله في تركيا، ان انهيار الدولة العثمانية كان مؤامرة غربية، ساعد فيها ابناء تركيا من المتغربين المعجبين بالغرب. لكن المشكلة ان اربكان لا يرى ان المؤامرة الغربية على تركيا (دولة الخلافة الاسلامية) انتهت «لان معركة الغرب مع الاسلام لم تنته». وما يريده اربكان ليس تطبيق الشريعة الاسلامية، فهذا كما يرى لم يكن ابدا هدفا له اولوية، بل تحرير تركيا من هيمنة اميركا والصهيونية العالمية. ويبدو من كثرة تكراره كلمة «صهيونية» ان اربكان من انصار نظرية المؤامرة، لكنه حقيقة يقول انه ليس من انصارها بل من ضحاياها، مستشهدا بالطريقة التي اسقطه بها الجيش التركي من رئاسة الحكومة، وهى خطوة يقول اربكان انها تمت بتخطيط من «الصهيونية». وهنا نص الحوار الذي اجرته «الشرق الاوسط» مع اربكان في منزله على بحر ايجه:
* كيف حقق حزب العدالة والتنمية النتيجة الكبيرة التي حققها؟
ـ تركيا دولة كبيرة بها 75 مليون نسمة، وهي مفتاح استراتيجي في العالم، ودخلها الوطني من بين الاعلى في العالم الاسلامي. وانطلاقا من هذه النقطة، فأن نتائج الانتخابات لا تخص تركيا وحدها، بل تخص العالم كله. الانتخابات الاخيرة كانت هامة، وتقييم نتائج هذه الانتخابات أكثر اهمية. ارقام الانتخابات معروفة، لكن ما هي الرسالة وراء هذه الأرقام. ما هي الحقيقة؟ الحقيقة هي ان الانتخابات التركية كانت مثل العاصفة، فقد كانت هناك عاصفة، والاتراك في تصويتهم تأثروا بالعاصفة التي كانت تعصف بدولتهم. هذه العاصفة التي احاطت بالانتخابات يمكن تلخصيها في 5 عوامل. اولا: موقف رئيس الجمهورية السابق احمد نجدت سيزر. فقد وقف سيزر قبل الانتخابات موقفا سلبيا ضد الحجاب، وقال ان هناك اماكن عامة لا يجب ان يكون بها محجبات، وهذا الكلام الذي قاله يخالف العلمانية بمعناها الصحيح، ففهم الرئيس السابق للعلمانية، يعارض حقوق الانسان. طبعا هذا الموقف السلبي من الحجاب الذي انبثق من فهم غير صحيح للعلمانية، تأثر به بصمت الشعب التركي تأثرا كبيرا، لكن انفجر موقف الشعب في الانتخابات البرلمانية.
العامل الثاني هو عندما آن أوان انتخابات رئاسة الجمهورية، بعض المجموعات، قالت إن الرئيس الذي سينتخب يلزم الا تكون زوجته محجبة. هذا الموقف بدوره اثار الكثير من الامتعاض في أوساط الاتراك، وكانت نتائج الانتخابات البرلمانية رد فعل ضد هذا التيار.
العامل الثالث الذي يمكن في ضوئه فهم نتائج الانتخابات الأخيرة، هو إنذار الجيش مساء 17 ابريل (نيسان) على الانترنت ضد الحكومة. اثار البيان استياء لدى الاتراك، فهناك قضايا مهمة، هناك قضية قبرص، التحقت قبرص بالاتحاد الاوروبي لكن الجيش لم يتحدث حول هذه القضية، هناك التطورات الاخيرة في منطقة الشرق الاوسط، مثل العراق وأنشطة حزب العمال الكردستاني، الجيش لم يصدر بيانات حول هذه القضايا. كذلك في تركيا، هناك خلايا تنظم عمليات ارهابية، تسفر كل فترة عن قتل مدنيين، لم يصدر الجيش بيانا حول هذه العمليات الارهابية. اما بيان الجيش ليلة 17 ابريل، فكان محتواه ان هناك خطرا على العلمانية، لانه كان هناك احتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وشاركت في الاحتفال بنات صغار محجبات، وكأن هناك خطرا على علمانية الدولة بسبب هذا. العامل الرابع، قرار اللجنة القانونية للدراسات العليا التي تشرف على كل الجامعات التركية بإغلاق مدارس الأئمة والخطباء ومدارس تحفيظ القرآن. موقف اللجنة السلبي هذا سبب ردة فعل شعبية غاضبة.
اما العامل الخامس فكان موقف رئيس حزب المعارضة حزب الشعب الجمهوري دنيز بايكال السلبي من حزب العدالة والتنمية، والاتهامات المتكررة التي وجهها الى الحزب بأنه ضد العلمانية، وهو ما دفع الشعب للتعاطف مع الحزب الحاكم، كما انه عني بالنسبة الى غالبية الاتراك انه اذا جاء حزب الشعب المعارض الى الحكم، فأنه سيشدد الخناق على ممارسات الناس. هذه الاجواء جعلت الشعب قنبلة مهيأة للانفجار. كما انه قبل الانتخابات مباشرة نظم حزب الشعب الجمهوري المعارض مظاهرات شارك فيها 3 ملايين من الذين يرون ان العلمانية في خطر، وبعضهم كان يردد الموت للشريعة. الكثيرون من الاتراك شاهدوا في هذه المظاهرات ضد حزب العدالة والتنمية تسونامي ضد الاسلام والمسلمين يتزعمها الحزب المعارض، والرد عليها للدفاع عن الدين، هو التصويت لحزب العدالة والتنمية. كذلك رأى الذين صوتوا لحزب العدالة والتنمية ان تشديد الهجمات من قبل المعارضة العلمانية ضد حزب العدالة والتنمية بهدف الاطاحة به هو تدخل ضد تصويت الشعب، والكثيرين من الاتراك لم يرقهم هذا السلوك. هناك بين الاتراك من لم يرد التصويت لحزب العدالة والتنمية، بسبب اغراق تركيا في الديون، والبطالة ومستويات الفقر وسوء الادارة والحكم، وسياساته الخارجية، خصوصا علاقته مع اسرائيل. لكن الانتخابات لم تأت في سياق عادي، بل جاءت في اطار تسونامي ضد حزب العدالة والتنمية سببه حزب المعارضة الرئيسي في البلاد وآخرون.
ماذا كانت خيارات الشعب التركي للرد على هذا التهديد؟ كانت هناك خيارات قليلة من بينها حزب السعادة، لكن حزب السعادة كان قد حصل في الانتخابات الماضية على 3% فقط، فلم يكن لديه فرصة حقيقية في هذه الانتخابات، فيما حزب العدالة حصل في الانتخابات الماضية على 34%، من الاصوات. الأتراك الذين يصوتون عادة لحزب السعادة، خافوا ان تذهب اصواتهم بلا طائل اذا صوتوا لنا، وبالتالي صوتوا لحزب العدالة. كل الاتراك الذين رأوا في موجة التسونامي العلمانية خطرا على الدين وخيارات الشعب صوتوا لحزب العدالة والتنمية. هذا هو معنى نتيجة الانتخابات الاخيرة، وهي ليست لها علاقة بسياسات حزب العدالة والتنمية، بل بالاجواء الاستثنائية في البلاد قبل الانتخابات.
* هل ترى ان تصويت الاتراك لحزب العدالة والتنمية كان قرارا صائبا؟
ـ 50% من قرار الشعب التركي صحيح لانه لم تكن هناك خيارات اخرى امامه، و50% خطأ. فالشعب ولانه اراد ان يحمي نفسه من التسونامي، تجاهل ان حزب العدالة والتنمية هو نفسه مسؤول عن هذا التسونامي. حزب العدالة والتنمية خلع رداءه الديني منذ وصل للسلطة قبل 5 سنوات، وقادة الحزب قالوا ذلك علانية ولم ينفوه، فبعد منع الدروس القرآنية واغلاق مدارس الائمة والخطباء، وللوفاء بشروط الانضمام للاتحاد الاوروبي، ألغوا قانونا كان يجرم الزنا. كما غيرت حكومة حزب العدالة والتنمية الآيات القرآنية في المدارس الرسمية، وألغوا «غير المغضوب عليهم ولا الضالين» من سورة الفاتحة في الترجمة التركية للقرآن، اى لم يترجموها اصلا، ولم يترجموا معانيها لكي لا يغضب اليهود (غير المغضوب عليهم) والمسيحيون (الضالين). كما ان حزب العدالة والتنمية اعطى اهتماما كبيرا جدا لعلاقاته مع اوروبا واميركا، وقالوا ان الاتحاد الاسلامي غير ممكن، وان اتجاه تركيا هو لاوروبا. حكومة اردوغان تكرر هذا الخطاب منذ 5 سنوات. فكيف سينشأ الجيل الجديد؟ الاعلام والكتابات الصحافية تسمم أفكار الشعب. باختصار تصويت الاتراك لحزب العدالة والتنمية كان تصويت كراهية وليس حب، كراهية للبديل (التطرف العلماني) وليس حبا في حزب العدالة.
* قلتم ان حزب العدالة فاز في الانتخابات لانه كان بديل التطرف العلماني، وان تصويت الاتراك له تصويت كراهية وليس حب. لكن ماذا عن حزبكم انتم، حزب السعادة، لماذا لم يحصل سوى على 2.5%. وهل كان الخطاب السياسي للحزب أكثر تعقيدا في لغته وأفكاره من فهم رجل الشارع العادي، اذ انكم ركزتم على تأثير سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على الاقتصاد التركي؟
ـ لا أعتقد ان خطاب حزب السعادة كان معقدا، أعتقد ان الاتراك فهموا خطاب وافكار حزب السعادة، والكثير من الاتراك كانوا متعاطفين معنا، ويرون ان برنامجنا السياسي هو الاصلح. لكن التسونامي السياسي كان اكبر من قدرته على اى اختيار آخر غير حزب العدالة، بسبب الخوف من فوز حزب الشعب الجمهوري العلماني. ليست هذه هي المرة الاولى التي يصوت فيها الاتراك بهذا المنطق. فقبل 30 عاما، قبل الانقلاب العسكري عام 1980، كان هناك حزب يميني اسمه حزب العدالة، وكنا ضده في حزب السلامة الوطني الاسلامي وكنا نحاول ان نشرح للناس مخاطر سياساته على تركيا، لكن هناك اياد غربية لها مصالح في تركيا تتدخل في شؤوننا بما يخدم مصالحها، ومع ان الكثير من الاتراك كانوا يؤيدون سياسات حزب السلامة الوطني، الا ان غالبية الاتراك صوتوا ايضا لحزب العدالة اليميني لانهم كانوا يخشون ايضا من البديل اليساري المتطرف. انذاك نحن في حزب السلامة الوطني قلنا ان الفرق بين الحزب اليساري الشيوعي والحزب اليميني ان الشيوعيين منهجهم هو اجراء العملية الجراحية بدون مخدر، فيما الحزب اليميني يخدر قبل العملية الجراحية، فلا تشعر بشيء، وبعد ان تفيق من المخدر تجد ان اليمنيين اخذوا اكثر من الشيوعيين. خسر حزب السلامة الوطني، لكنه لم ييأس وعدنا للساحة وفوزنا بحزب الفضيلة عام 1997 في الانتخابات وشكلنا الحكومة. والان نفس اللعبة تتكرر، لكننا ايضا نأمل ان يحمل لنا المستقبل نفس النجاح الذي حققناه في السابق، وننجح مرة اخرى في الفوز بالانتخابات.
* اردوغان كان احد اعضاء حزب الرفاه وخرج منه وشكل مع عبد الله غل حزب العدالة والتنمية، فهل تعتبرونه هرب من مدرستكم؟ وهل ترون انه نجح ام فشل؟
ـ نعم اردوغان تلميذ فاشل هرب من الباب الخلفي للمدرسة. هو اتى للمدرسة، لكن لم يستمع للدرس. وبالرغم من انه درس في مدارس دينية، الا ان اعماله لا تدل على هذا، فهو يقول ان تمدن المسلمين لا يمكن ان ينافس تمدن الغرب، بينما الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) يقول الدين يعلو ولا يعلى عليه. هل الذي لديه علم يمكن ان يقول مثل هذا الكلام؟. اردوغان يتقرب من الاتحاد الاوروبي، ويلبي ما يطلب منه ويقول في الوقت نفسه ان الاتحاد الاسلامي غير ممكن. هل هذا شيء معقول؟ هل نحن نخدم الاسلام ام الصهاينة؟. وبما ان صحيفة «الشرق الاوسط» معنا الان اريد ان ارسل عبرها رسالة بما لها من حجم وهي ان صحيفة «الشرق الاوسط» تدافع عن حزب العدالة والتنمية، وتدعمه بما تنشره حوله. (ردت «الشرق الاوسط» على اربكان موضحة اننا لا ننحاز الى احد، واننا نشرنا انتقادات على لسان مواطنين اتراك لاردوغان بسبب تقاربه من اسرائيل واميركا وسياساته الاقتصادية، وان هناك بين قراء «الشرق الاوسط» من يعتز باربكان وتجربته خلال رئاسته للوزراء في تركيا. فرد اربكان ضاحكا: صحيفة «الشرق الاوسط» مثل الشعب التركي تحبنا، لكنها تدعم حزب العدالة والتنمية.. الاكاديميون والمثقفون في العالم الاسلامي والعربي كلهم يقرأون صحيفة «الشرق الأوسط»، وعندما أقرأ أنا صحيفة «الشرق الاوسط» أفاجأ بأنه ليس هناك تمييز بين حزب السعادة وحزب العدالة والتنمية. على اخواننا في «الشرق الاوسط»، الا يخلطوا بين الحق والباطل.
* حقيقة هناك نقص في المعلومات حول طبيعة العلاقة بينكم وبين اردوغان، والفرق في سياسات حزب السعادة وحزب العدالة والتنمية، والاعتقاد الذي كان سائدا حتى وقت قريب هو ان تجربة اردوغان في الحكم استكمالا لتجربة حكم الاسلاميين على يديكم عام 1997 خلال حكم حزب الرفاه.
ـ حزب العدالة والتنمية لم يسر على نفس خطواتنا، وحتى الان لم يظهر ان عندهم فهم لما يحدث. الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) يقول: «أتقوا فراسة المؤمن، فأنه ينظر بنور الله». على حزب العدالة والتنمية ان تكون لديه فراسة. الاسلام ليس دين مذهبي، بل هو دين العقل والفهم والوعي. لذلك ينبغي ان نفهم الاسلام فهما صحيحا. في جميع الكليات الشرعية الموجودة في العالم الاسلامي هناك شيئان ناقصان: تأسيس كلية مختصة بكيفة تطبيق الشريعة بحيث تتلائم مع هذا العصر. وكلية اخرى تتخصص في فهم الاسلام بشكل صحيح، فالمسلم يجب ان يعي ويفهم الاسلام فهما جيدا. لا تتخذوا اليهود او النصاري اولياء. اي شخص يذهب الى اليهود ويجعلهم اولياء له، كيف يكون مسلما صحيحا؟ مشكلة الوعي هذه موجودة في كل العالم الاسلامي.
* هل يمكن ان تخبرنا اكثر حول الدوافع التي جعلت اردوغان ينشق عن حزب الرفاه ويشكل حزبا جديدا منافسا لكم؟
ـ كلنا يعرف مؤسس اسرائيل ثيودور هرتزل وحاييم نعوم المفكر والناشط اليهودي وزبيجنيو بيرجنسكي مستشار الأمن القومي الاميركي الأسبق. ماذا يقول بيرجنسكي؟ يقول: عندما ننظر للعالم الاسلامي. نجد نوعين أهل الدنيا وأهل الدين: نحن نريد اضعاف اهل الدين، والتعاون مع اهل الدنيا. تسألون لماذا أسس اردوغان حزبا جديدا وأنفصل عنا؟ اجابتي هي كلام بيرجنسكي. طيب اردوغان لم يؤسس حزبا بمبادرة منه، بل اعطي اوامر بتأسيس حزب. لماذا اصبح اردوغان ألعوبة في هذا المشروع؟ لانه لديه ضعف ازاء الموقع والمال والرئاسة والمنصب.
* ما هي نوع العلاقة الان بينكم وبين السيد اردوغان؟ هل ما زالت بينكم اتصالات مثلا؟
ـ طيب يتصل بي في بعض الأحيان بالتليفون ليسأل عن صحتي لكن هذا لا يعني شيئا. فكيف انت وكيف حالك لا يهم. المهم هو عودة الوعي الاسلامي الحقيقي.
* إذا انتم لستم راضين عن سياسات السيد اردوغان؟
ـ انا لست راضيا عن تصرفاته وسلوكه وعن الطريق الذي يسير فيه. نحن نشتكي لانه يدفع الشعب التركي نحو مشاكل كبيرة. لسنا راضين عن ولائه وكونه شريكا للصهاينة في بعض البرامج. لماذا ارسل طيب اردوغان قوات تركية الى لبنان، في اطار قوات الامم المتحدة لحفظ السلام في لبنان؟ من اجل تجريد حزب الله من الأسلحة.
* لماذا لا تحاولون التحدث مع السيد اردوغان حول اختلافاتكم معه، ففي النهاية اى ضرر سيصيب كل الاسلاميين الاتراك؟
ـ هناك مقولة مفادها انه اذا قدر الله قدرا على شيء، فأن الله يأخذ العقل ولا تفيد النصيحة. نحن نصحنا كثيرا، لكن لا فائدة.
* مرت 10 سنوات منذ اطاحة حكومة الرفاه بزعامتكم.. هل اعدتم تقييم الاسباب والدوافع التي ادت بالجيش التركي الى اطاحتكم؟
ـ السبب واضح.. الدوائر الصهيونية العالمية هى السبب وراء اطاحتنا. لدى اليهود حلم بناء الدولة المزعومة بين النيل والفرات. الحرب العالمية الاولى نشبت من اجل اقامة الدولة الاسرائيلية الكبرى بين النيل والفرات، وارادت القوى الصهيونية الاستيلاء على اسطنبول من اجل تأسيس هذه الدولة الاسرائيلية. وكان الاستيلاء على اسطنبول ان تم كان سيكون بداية هذه الدولة. ماذا حصل؟ اتوا بـ600 سفينة و600 الف جندي وفشلوا. لكن تأسيس دولة يهودية بين النيل والفرات جزء اساسي من معتقدات اليهود، وهم لن يغيروا هذه الفكرة ابدا. خلال 80 عاما عملت القوى الصهيونية على ابعاد الاتراك عن دينهم، وحصارهم اقتصاديا. عام 1990 ماذا حدث؟ أنهارت الشيوعية، وأصبحت الولايات المتحدة هي القوى العظمى الوحيدة واميركا في يد اليهود. بعد غياب الاتحاد السوفياتي، عاد الحلم اليهودي من جديد لتأسيس دولة من النيل للفرات. ماذا فعلوا؟ خلال احد اجتماعات حلف شمال الاطلنطي (الناتو) عام 1990 قالت مارغريت تاتشر: نحن اسسنا الناتو لمواجهة السوفيات. الان السوفيات انتهوا. فهل نلغي الناتو؟ ولان الفكر الذي ليس له عدو لا يمكن ان يبقى حيا. كان لا بد من ايجاد عدو جديد بدلا من الاتحاد السوفياتي. قالت تاتشر ان العدو موجود وهو الاسلام. خلال هذه الاجواء ظهرت حكومة الرفاه في تركيا. ما سأقوله الان أنقله مما قاله بيرجنسكي فهو قال: ما دام حزب الرفاه في السلطة في تركيا لن يمكننا تحقيق اهدافنا، لا بد من حل حزب الرفاه. كيف نقضي على حكومة الرفاه؟ الخارجية الاميركية لا تريد سيطرة الجيش التركي على السلطة بدلا من الحكومة المنتخبة. فماذا فعلوا؟ نظروا للحزب الثاني الذي يشكل الحكومة الائتلافية معنا وهو حزب الطريق القويم برئاسة تانسو تشيلر، وهددوا 50 نائبا من حزب الطريق القويم بأنهم اذا ساندوا الحكومة الائتلافية بين الرفاه والطريق القويم، فأنهم يعرضون تركيا لتدخل عسكري من قبل الجيش كما حدث عام 1980 في انقلاب كنعان افرين. شريكتنا في الحكومة تشيلر جاءت وقالت لى: 50 نائبا من حزبي لا يؤيدون الائتلاف معك. نحن في مأزق ولا بد من انتخابات جديدة، وبعد الانتخابات يمكن ان نسير في خطتنا للحكومة الائتلافية من جديد. نحن في اتفاقنا المبدأي مع تشيلر قلنا اننا اذا اضطررنا بسبب اى ازمة الى انتخابات مبكرة، فسنغير رئيس الوزراء، بمعنى ان اتنازل أنا لتصبح هى رئيسة للوزراء. وصوتنا في البرلمان بغالبية 251 نائبا على قرار بإجراء الانتخابات خلال 3 أشهر. لكن ما حدث بعد ذلك كان مخالفا لمبادئ الديمقراطية. فنحن كان معنا 291 نائبا في البرلمان، لكن خلال الازمة اعطي حق تشكيل الحكومة الى مسعود يلماظ الذي كان حزبه اقلية في البرلمان.
* لماذا تعتقد ان الدوائر الصهيونية كانت مستاءة منك؟ ما هي السياسات التي اتخذتها وأزعجتهم؟
ـ نحن في الاشهر التي قضيناها في الحكومة حققنا 3 اشياء. أولا: تركنا صندوق النقد الدولي وقلنا لهم اننا لا نريد تطبيق برامجهم الاقتصادية. ثانيا: وضعنا ميزانية تجعل مصاريف الدولة ومواردها متوازنة، وهذا لم يتحقق قبلنا ابدا. ثالثا: أسسنا تحالف الدول الثماني الاسلامية. (تركيا وباكستان واندونيسيا ومصر ونيجيريا وماليزيا وبنغلاديش وايران. وكانت فكرة إنشاء تلك المجموعة التي تأسست وصدر ميثاقها خلال قمة عقدت في اسطنبول في يوليو (تموز) عام 1997 بعدما تبنتها حكومة اربكان خلال فترة حكم حزب الرفاه). وكان هدفنا تغيير تركيبة النظام الدولي التي تسيطر عليها قوى، ليست بينها قوى اسلامية. تحالف القوى الثماني كان نواة وبداية تأسيس «صوت» للعالم الاسلامي في شؤون العالم، لخلق مجتمع دولي أكثر عدالة، لكن هذا لم يعجب الكثير من القوى العالمية واليهودية. دائما ما اقول للأتراك: لماذا لا تفهموني قبل اليهود؟ اليهود ادركوا التأثيرات المحتملة لتحالف الدول الثماني وتحركوا ضده لمنعه، لكن في العالم الاسلامي لم يكن هناك ادراك للنتائج الهائلة التي يمكن ان تترتب على هذا التحالف.
* بعد اطاحتكم من الحكم. ما هي المشاعر التي مررتم بها؟ حزن ام شعور بالخيانة، خصوصا أن هناك رجال اعمال أتراكا وقفوا ضد حكومتكم؟
ـ طبعا شعرنا بالحزن والخديعة، لكننا واثقون في اهمية ما نقوم له. بعض رجال الاعمال وقفوا ضدنا لاننا عندما وضعنا ميزانيتنا للدولة اردنا ميزانية عادلة، فرجال الاعمال كانوا يضعون اموالهم في البنوك ويحصلون على نسب فائدة كبيرة جدا واعفاءات كثيرة من قبل الدولة تكلفنا عشرات المليارات دولار. في الميزانية اخذنا 10 مليارات دولار من رجال الأعمال وخصصناها لاحتياجات الطبقات الفقيرة، وهذا لم يرض الكثيرين.
* تحدثتم حول المخاوف على مستقبل العالم الاسلامي.. نسألكم سؤال الساعة: هل تعتقدون ان إيران يمكن ان تتعرض لهجوم اميركي؟
ـ طبعا هناك خطر حقيقي على ايران، فجورج بوش محافظ ديني يرى الاسلام كعدو، هو يرى ايران خطرا. اي شيء اسلامي بالنسبة له يشكل خطرا، ايران وتركيا وغيرهما.
* تركيا ايضا في خطر؟
ـ ليس هذا فقط، تركيا تواجه اكبر خطر. فتركيا بالنسبة لاميركا اهم دولة في المنطقة، اذا تحالفت تركيا مع العالم الاسلامي خسرت اميركا كل شيء. لهذا تحارب اميركا واليهود المد الاسلامي، ولهذا يجب على العالم الاسلامي ان يعزز تعاونه.
* البعض يقول ان الجيش التركي بات أضعف امام حكومة حزب العدالة المنتخبة بأصوات 46% من الاتراك، هل تعتقد هذا؟
ـ لا.. الجيش ليس ضعيفا الان. الجيش ما زال اقوى المؤسسات في تركيا.
* كيف ترى تجارب الاسلام السياسي في العالم العربي؟
ـ لكل تجربة خصوصيتها. تجارب الاسلام السياسي في المنطقة تهدف الى انهاء سيطرة اليسار والرأسمالية علينا. وهذا مطلوب.
* لكن هناك تجارب اسلامية كانت شمولية ولم تعتمد اساليب الديمقراطية. فكيف تقيمها؟
ـ لا يمكن ان تكون هناك حكومة اسلامية شمولية.
* لكن عدم اجراء انتخابات مثلا ليس من الديمقراطية؟
ـ اي حكومة لا بد ان تستمد شرعيتها من الشعب، الغاء الانتخابات والغاء الشعب غير صحيح ولا يتلاءم مع الاسلام.
* اخيرا هل يسعدكم لقب «أبو الإسلام السياسي في تركيا»؟
ـ استغفر الله. نحن لا نهتم بالالقاب. نحن نريد العدالة لجميع المسلمين وجميع البشر. فالاسلام دين المحبة والرحمة. وهدفنا سعادة الـ6 مليارات انسان على وجه الارض وليس المسلمين فقط.

لم يتصور الكثير من الأتراك انه سيأتي يوم يدخلون فيه المسجد ليجدوا سيدة تجلس في مكان "إمام الجامع" تعطي درسا دينيا وحولها عشرات المستمعين من الرجال والنساء. لكن هذا ما حدث، فاليوم في تركيا يوجد أكثر من 450 واعظة دينية تعطين دروسهن الدينية في المساجد، وتتقاسمن السلطة الدينية مع الرجال. لم يكن الكل سعيدا بهذا القرار، ولا بقرار مديرية الشؤون الدينية في تركيا، التي تتبع لرئاسة الوزراء، بتعيين نساء في منصب مساعد المفتي، أملا في تعيين أول مفتية تركية قريبا، وأملا في تعيين سيدة تؤم الصلاة يوما ما، لكن الاجواء، كما يقول البعض، ليست مهيأة بعد. أي بمعنى آخر: كل شيء إلا إمامة الصلاة. المصابون بالصدمة بسبب تعيين النساء في منصب واعظ بالمسجد، ومنصب مساعد أو نائب للمفتي يرددون ان "المساجد للرجال"، لكن المدافعين عن هذه التغييرات التي حدثت في تركيا خلال الخمس سنوات الماضية يقولون إن هذه التغييرات جزء من حيوية "الإسلام التركي"، موضحين أن الإسلام في تركيا "يستجيب لاحتياجات المجتمع، وللتطورات اليومية وان قصر السلطة الدينية على الرجال فقط ليس له ما يبرره اسلاميا". أما الناشطات في الحركة النسائية التركية فيقلن "نحن تعلمنا الإسلام دوما عبر الرجال، سواء الأب أو الزوج أو المدرس في المدرسة أو الإمام في الجامع، نادرا ما تعطى النساء فرصة لتعليم الإسلام، مع ان الكثيرات منهن يعرفن شؤون الدين مثلما يعرفها الرجال". عندما تسأل أي تركي حول العامل الأساسي الذي يجعل الإسلام التركي له هوية مميزة عن الإسلام في باقي الدول الإسلامية، تكون الاجابة غالبا ان الإسلام عندما دخل تركيا أثر وتأثر فورا بثقافة الأتراك وتاريخهم وطبيعة دولتهم، وان عملية التأثير والتأثر هذه لم تقف أو تتجمد. فعندما قرر مصطفي كمال اتاتورك، بعد ثورة الاصلاحات الدستورية، وضع كل شؤون الدين تحت سيطرة الدولة، بما في ذلك التعليم الديني، وحتى المدارس القرآنية في القري الصغيرة، رسخ في الثقافة التركية الحديثة فكرة ان الدين مسألة شخصية، ليس له علاقة بالدولة، أو بالمؤسسات الحكومية والرسمية، وأنه لا ينبغي أن يستغل لخدمة أهداف أي فئات أو جماعات. وبسبب القواعد الصارمة التي وضعها أتاتورك، لا يمكن ان تجد رجل دين تركياً او خطيبا أو إمام جامع يصدر فتوى تتناقض مع الخطوط الحمراء في الدستور والقوانين التركية. فتعددية الزوجات ممنوعة بأمر القانون، وان كانت موجودة على استحياء في بعض القرى النائية. "التعدد ممنوع قانونيا، لكن إسلاميا أيضا تعدد الزوجات ليس شيئا محبذا، فهو له شروط معينة، من بينها المعاملة العادلة وشروط أخرى تجعله صعبا جدا وغير مستحب"، كما يقول الشيخ محسن كورتولموس إمام وخطيب أحد مساجد أسطنبول لـ"الشرق الأوسط".
أما الحجاب، فمسألة شخصية، إلا انه ممنوع في المؤسسات الحكومية. الكثير من رجال الدين الاتراك يقولون هذا يحمي الدولة والإسلام من الاستغلال، ويدافعون عن انه لا تناقض بين ما جاء في الدستور التركي وبين صحيح الإسلام. هذا ما يتعلمه الطلبة الأتراك في المدارس والكليات الدينية التي عادت تدريجيا للحياة في تركيا بعدما ألغى أتاتورك كل اشكال التعليم الديني خلال العشرينيات من القرن الماضي. عادت المدارس والكليات الدينية على خلفية إجراء أول انتخابات ديمقراطية في تركيا عام 1950، فطمعا في أصوات الناخبين، أعادت حكومة حزب الشعب الجمهوري، حزب أتاتورك، الإعتبار للتعليم الديني قبيل الإنتخابات مباشرة في محاولة فاشلة لتفادى الهزيمة أمام المعارضة الليبرالية. وكان من القرارات التي إتخذتها الحكومة آنذاك السماح بالدروس الدينية في المدارس الابتدائية، اذا تقدم الأبوان بطلب رسمي لتعليم أبنائهما الدين الإسلامي، لكن لاحقا عدل القانون لتكون مادة الدين حصة مدرسية عادية يستثنى منها فقط من يطلب أبواه ألا يحصل عليها، وبالتالي اصبح تدريس الدين عموميا في كل مدارس تركيا. وفي نفس هذه الفترة بدأت تتسع بسرعة المدارس الاسلامية، ولكي تسير وفقا لنفس الفلسفة التعليمية في تركيا، صنفت السلطات المدراس الإسلامية على انها "وظيفية" أي بهدف تخريج الدعاة وأئمة المساجد والمفتين، وسمح للنساء بالانضمام اليها، على الرغم من انه في ذلك الوقت لم يكن سمح للنساء بعد بالعمل كمفتيات أو دعاة دينيين. وكان الانضمام للمدارس الإسلامية يبدأ في المرحلة الثانوية، لكن بعد ذلك بات من المرحلة الاعدادية حيث كان الطلاب يدرسون قواعد اللغة العربية والقرآن الكريم، والاحاديث والفقه. أما أول كلية لعلوم الدين فأفتتحت عام 1950 في أنقرة. في البداية شجع الجيش هذه المدارس الإسلامية على أساس أنها ستحمي الجيش وتركيا من أي مد شيوعي خلال سنوات الحرب الباردة. وبعد انقلاب 12 سبتمبر(آيلول) 1980 اعتبرت دروس الثقافة الدينية في المدارس كلها عموما اجبارية. لكن بعد فوز حزب الرفاه الإسلامي بالانتخابات عام 1996 وتشكيل زعيمه نجم الدين اربكان الحكومة، شعرالجيش بالقلق والتهديد. وكان أول شئ فعله الجيش بعد اطاحة حكومة اربكان عام 1997، هو اغلاق مدارس التعليم الديني في المرحلة الاعدادية، وذلك بالغاء المرحلة الاعدادية برمتها، ومد مرحلة التعليم الابتدائي الالزامية من 5 الى 8 سنوات. اما في المدارس الثانوية الدينية الوظيفية الخاصة بتخريج الدعاة والمفتين فتم التضييق عليها عبر قبول عدد من الطلبة يلبي فقط احتياجات تعيين ائمة جوامع وواعظين. كما تم تشديد القيود على الدروس القرآنية للأطفال، واصبح الحصول على رخصة للدروس القرأنية صعبا جدا. وللتحكم في الجامعات قررت السلطات بعد انقلاب عام 1980، اخضاع كل الجامعات للمجلس الأعلى للتعليم، وتشديد الرقابة على الأنشطة الطلابية، كما تم منع تأسيس أي جامعات إسلامية، والتحكم في كل المناصب الدينية، فتعيين الأئمة وخطباء المساجد والمفتين تقوم به مديرية الشؤون الدينية. ويقول الشيخ محسن كورتولموس:"لدينا 8 آلاف إمام. وفي أي مدينة تركية يوجد مفت، ونواب للمفتي، وأئمة للجوامع. وفي كل مقاطعة بالمدن الكبرى هناك مفتون يتبعون للمفتي العام للمدينة، ودروس لتعليم القرآن في كل ادارة دينية، وأئمة خطباء يتبعون وزارة التعليم مهمتهم تدريس وتعليم الأئمة الجدد في الكليات الدينية التركية". ويوضح الشيخ محسن ان خطبة الجمعة تتعدد وتتنوع بحسب احداث الساعة، مشيرا إلى أن آخر خطبة جمعة اعطاها كانت حول حقوق الانسان، اعدها من كل من القرآن الكريم والميثاق العالمي لحقوق الإنسان. وبسبب هذه الأفكار التي ترسخت خلال الثمانين عاما الماضية، ومراقبة الدولة اللصيقة للتعليم الديني بكل أشكاله ومراحله، تكونت بين الأتراك والدين علاقة من نوع خاص. ففي المساجد التركية، يسمح للناس بالدخول للاستماع الى الخطبة او الجلوس دون ان يصلوا بالضرورة. وليس من الشائع ان ترى أي جامع في تركيا ممتلئا، الا خلال صلاة الجمعة. ومتوسط المصلين في أي جامع خلال ايام الاسبوع، من 20 الى 30 مصليا. "انا لا أصلي الا خلال رمضان، الا أنني اعتبر نفسي مسلما مؤمنا. المسلم بتصرفاته وسلوكه. اسافر دائما لاوروبا، ولدي صداقات. ولا ارى ان هذا يجعلني مسلما سيئا"، يقول محمد وهو شاب تركي يعمل بالتجارة في بازار اسطنبول لـ"الشرق الاوسط"، موضحا ان الكثير من الشباب الأتراك يمارسون حياتهم مثل الشباب في اى بلد اوروبي، "وانه كما ان هناك بعض الشباب الاوروبيين يذهبون للكنيسة مرة في الأسبوع او في الاعياد الدينية فقط، يفعل شباب أتراك نفس الشئ". والحجاب في تركيا "مناطقي" الى حد كبير، فهناك مناطق في أنقرة وأسطنبول من النادر ان ترى فيها محجبات، وهناك مناطق من النادر ان ترى فيها غير محجبات. ويقول الشيخ محسن كورتولموس امام وخطيب احد مساجد اسطنبول لـ"الشرق الأوسط": "الاسلام التركي ربما يكون اكثر مرونة في بعض القضايا. فنحن اوروبيون ايضا. والاصولية الدينية ضعيفة لدينا. عندما دخل الاتراك الإسلام، تم هذا بسرعة وبسهولة، فالكثير من مكونات الشخصية التركية تنسجم تلقائيا مع تعاليم الاسلام وروحه. الأتراك يدركون قدسية الاسلام ومكانته بدون اى ضغوط. مثلا شيعة تركيا، غير شيعة ايران. الناس لا تدخل الجوامع في تركيا لتناقش السياسة، بل لتسأل عما هو حلال وما هو حرام. والاسئلة الاكثر انتشارا هى كيف يتوضأ الانسان وكيف يصلي. أحد الأشخاص سألني اليوم عن حكم تعدد الزوجات، وقلت له ان الأصل في الإسلام هو الزواج من امرأة واحدة. ومع ان عدد المصلين ليس كبيرا جدا، الا خلال صلاة الجمعة، الا ان هناك توجها اكثر للدين. يأتي احيانا شباب وشابات صغار السن للمسجد، يجلسون للاستماع للصلاة بدون ان يصلوا، نحن لا نعترض على هذا. فالايمان ليس صلاة فقط. بل سلوك ايضا". ويضيف "من أجل مساعدة المواطنين الاتراك، فأن مديرية شؤون الدين خصصت منذ عامين خطوطا تليفونية على مدار الـ24 ساعة، يمكن ان يتصل عليها المواطنون ليسألوا حول الفتوى المتعلقة بأى موضوع، والمسؤولون عن الاجابة على أسئلة المواطنين، هم خريجو كليات دينية في تركيا تدربوا على اصدار الفتاوى وعملوا في إصدارها". هناك اهتمام متزايد بالدين في تركيا اليوم. وهذا الاهتمام المتزايد ليس مستوردا من أي مكان، بل هو تركي النكهة والمزاج. وكما ان من ملامحه تزايد الحجاب، وفوز الاسلاميين في الانتخابات، وهذا شئ عادي، فمن ملامحه ايضا رغبة التركيات في مزاحمة الرجال في مجال السلطة الدينية، وهذا ليس عاديا. هذا التوجه التركي بدأ قبل نحو 5 سنوات عندما تم تعيين 3 مفتيات في مدينة حيدر آباد جنوبي الهند في سبتمبر( ايلول) 2003. ساعتها خرجت الكثير من النساء التركيات تتساءلن: لماذا لم يحدث هذا في تركيا بعد؟ في ذلك العام 2003 عينت مساعدات للمفتي من النساء في اسطنبول اولا، ثم في أنقرة وأزمير، وهم أكثر ثلاث مدن متحررة في تركيا. هذه التعيينات تمت بعد قليل من انتخاب على بارداك اوغلو كرئيس لمديرية الشؤون الدينية في نوفمبر(تشرين الثاني) عام 2002، وبعد قليل من انتخاب حزب العدالة والتنمية لاول مرة، وتشكيله الحكومة. ويعتقد بارداك اوغلو، وهو مثقف ويعتبر نفسه اصلاحيا محافظا، ان الناس العاديين يحتاجون الى مفتين عصريين ومتنورين، وان جنس الانسان، سواء كان رجلا او امرأة ليس مهما. وقال بخصوص تعيين النساء كمفتيات:"ليس هناك في الإسلام ما يمنع النساء من ان يكن مفتيات، فالنساء دائما ما احتللن مكانة دينية هامة على مدار التاريخ الاسلامي"، موضحا ان مساعدات المفتي لهن حق اصدار فتاوى. فيما يقول انور موعزام الرئيس السابق لقسم الدارسات الاسلامية في جماعة "عثمانيا" التركية: "ليس هناك آية واحدة في القرآن الكريم، أو أي حديث نبوي يمنع النساء من ان يصبحن مفتيات". ولا يمكن القول ان هذه التحولات تمت بضغط من المجتمع المدني التركي، رغما عن الدولة. ففي الواقع ان الدولة التركية نفسها تقف وراء تعيين واعظات في المساجد ومساعدات للمفتي. فمديرية الشؤون الدينية التركية مسؤولة حصرا عن كل شؤون الدين. والموظفون الدينيون في تركيا يعتبرون موظفين مدنيين او حكوميين، يتبعون مديرية الشؤون الدينية (يطلق عليها في تركيا اختصارا اسم: ديانات)، ويبلغ عدد موظفيها 80 الف شخص، بينهم نحو 75 الف رجل، و3 آلاف سيدة فقط. وكدليل على مدى إتساع سلطات مديرية الشؤون الدينية، يكفي ذكر أنها تغطي نفقات كل المساجد التركية، داخل تركيا وخارجها، بدءا من دفع فواتير الكهرباء للمساجد التركية على الحدود مع ارمينيا مثلا، الى دفع مرتب امام برلين الذي يخدم الجالية التركية في المانيا، مرورا بتعيين مفتين وأئمة وواعظين في كل مدينة وقرية تركية. واذا كانت مساعدات المفتي يعلمن غالبا داخل مباني دوائر الإفتاء في كل انحاء تركيا، ولا يختلطن كثيرا بالناس في المساجد لمعرفة ردة الفعل الاجتماعية على دخول النساء المجال الديني بهذه القوة، فإن الواعظات الدينيات مضطرات لهذا، بل حرفيا هن معرضات يوميا لردات فعل بين سلبية وايجابية لمن يحضر دروس الوعظ الديني التي يقدمونها. اليوم يوجد في تركيا أكثر من 450 واعظة دينية، بينهن 18 في اسطنبول. وتتخرج الوعظات من الجامعات الدينية، مثل نظرائهن من الواعظين الرجال. ومرتبة واعظة اعلى من مرتبة امام في تركيا. وتجلس الواعظة وسط المسجد وحولها العشرات او المئات بحسب الحجم من الرجال والنساء، وتبدأ في الوعظ بخصوص موضوع معين. وهناك قوائم اسبوعية بالموضوعات التي سيقدم فيها واعظو المساجد موعظتهم (تحددها وزارة الشؤون الدينية)، مما يجعل الناس المهتمين بالوعظ في هذا الموضوع او ذاك يأتون خصيصا لسماع الموعظة التي تكون عادة بعد الصلاة. زليخة شاكر البالغة من العمر 27 عاما بدأت في الوعظ بعد فترة اعداد قصيرة مع امام الجامع. أما أول موضوع اعطت فيه زليخة موعظتها الدينية فكان حول دور الاباء والامهات في الضغوط النفسية التي قد يعاني منها الأطفال، وتتعدد موضوعات الوعظ الديني بين جرائم الشرف، والموزانة بين الحياة السعيدة والالتزام بالقيم الدينية، والواجبات داخل الاسرة، وقضايا اخرى عديدة. وفي دروس زليخة وغيرها من الواعظات الجدد تحرص النساء على الحضور للجامع لسماع الموعظة. وترى الكثيرات منهن ان حضور دروس الواعظات تعطيهن "فرصة للحوار"، فيما مع الواعظين من الرجال تجلس النساء فقط وتستمع للرجال دون ان يتحاورن معهم، وهذا فرق كبير. لكن الكثير من الرجال في تركيا لا يوافقون على اعطاء النساء ذلك الدور في المجال الديني، ويرون ان عمل النساء في الوعظ والفتوى يصيب المجتمع بالالتباس، فالناس لم تعتد بعد على ان تدخل المسجد لتجد امراة في الصدارة تعطي وعظا دينيا، والكثير من الرجال الاتراك ما زال يردد عبارة:"للنساء أدوارهن التي ميزها الله عن ادوار الرجال". وتعترف زليخة ان عملها كواعظة ليس امرا سهلا، وأنها تتعرض للتحامل ضدها بسبب الصورة الذهنية الثابتة عن علاقة النساء بالسلطة الدينية. وأشتكت مرة في تصريحات نقلتها وسائل الاعلام التركية "عندما يأتي الائمة الى المسجد الذي عينت فيه، بعضهم يرحب بي. لكن اغلبهم يهرع هاربا بعد الصلاة قبل ان آتي لانهم لا يريدون مقابلتي. حتى داخل مقر دار الافتاء في اسطنبول، بالرغم من ان المفتي متنور جدا، إلا ان هناك من ما زال يتحاشى اى تواصل معي. بعضهم ينظرون الى الكمبيوتر او الى السقف او الى اقدامهم، لانهم لا يستطيعون تحمل فكرة وجود امراة بسلطة دينية مثل الرجال". وتابعت "اتطلع للمستقبل الذي سيتم فيه تغيير هذه النظرة". ولا تقتصر الصعوبات على نظرة الرجال، فهناك الكثير من التركيات لا ترحبن بالمفتيات النساء او بالواعظات النساء. وتقول زليخة:"الكثير من النساء يقلن ليس في الاسلام أئمة نساء، الرسول لم يعين ائمة نساء في عهده". والى جانب تعيين مساعدات للمفتي وواعظات، بدأت النساء تأخذن نصيبهن من تدريس القرآن الكريم. ففي دار الإفتاء في أسطنبول هناك 583 سيدة يقمن بتعليم القرآن الكريم في الدروس القرآنية التي تشرف عليها وتنظمها دار الإفتاء. لكن المثير ايضا ان اعداد النساء اللواتي يدرسن في الاقسام الاسلامية بالكليات او في الجامعات الاسلامية في تركيا في تزايد مضطرد، واليوم تشكل الطالبات الاغلبية في عدد من الاقسام الدينية بالجامعات الاسلامية. رغبة النساء في المشاركة في المجال الديني والصعوبات التي تعترض هذا فتحت نقاشا داخل المجتمع التركي ليس فقط حول الإسلام وما ينص عليه، ولكن ايضا حول النظرة الاجتماعية للنساء ودورهن في المجتمع. ويرى مفتي اسطنبول ان "النساء دائما ما عوملن كمواطنات من الدرجة الثانية. ليس فقط في الشرق، بل في الغرب ايضا. لكن هناك اشكالا متباينة من التمييز ضد النساء، تختلف باختلاف ثقافة المجتمعات.. انا مدافع متحمس للدفاع عن حقوق النساء". ويريد مفتي أسطنبول ان يفعل المزيد خصوصا، وان هناك الكثير من المنظمات النسائية في تركيا لا ترى ان الخطوات التي اتخذت تكفي، ويصفونها بأنها مجرد إستعراض. رجال الدين في تركيا ليسوا احرارا تماما، فهم في النهاية موظفون في الحكومة، وغير مسموح لهم ان يصدروا فتاوى تخالف القوانين التركية، او يصرحوا بتصريحات تتعارض مع القوانين، فمثلا اذا سألت أحد رجال الدين او الائمة او المفتين الاتراك حول الحجاب، وما اذا كان اختياريا ام اجباريا لن تحصل على أي اجابة. واذا سألت حول شرعية تعدد الزوجات سيرد عليك الكثيرون: "اسأل المفتي أو مديرية الشؤون الدينية".

والحقيقه ان البحث الذى نشرته الصحيفه طويل وشاق ويدرس الحاله من اتاتورك الى اردوغان

ومساله تواجد اردوغان فى السلطه حديثا اثار اشمئزاز البعض وشكك البعض الاخر فى مصداقيته ومصداقيه حزبه الذى يسميه البعض انه انسلخ عن حزب الرفاه القديم الاسلامى حبا وطمعا فى السلطه وان تغيير سياساته تؤكد ذلك الا ان اردوغان نفسه ومواقفه تدلان على ان حزب العداله لا ينسلخ عن الاسلام وانما هو نتاجه

(وأدَّى ركوبُ حِزْب العدالة والتنمية لِمَوجة المشاعر الْمُعادية للغرب التي اجتاحَتِ العالَم الإسلاميَّ مع غزْوِ العراق عام 2003، إلى فُتور علاقات تركيا مع الغَرْب، وسعَتِ الدَّولة التُّركية إلى إعادة وضْعِها كزعيمة للعالَم الإسلامي، وقامت بتشجيع وجهة النَّظر الشاملة الْمُنادية بـ: (نَحن "المسلمون" في مقابل هم "الغرب")، على حساب مُرونة تركيا التاريخيَّة.)
وقد أجْملَ هذا الوضْعَ "أحمد داود أوغلو" وزير خارجيَّة تركيا، المنتمي لِحِزْب العدالة والتنمية، في كتابِه "العُمْق الإستراتيجي"، والذي أكَّد فيه على أن "علاقات تركيا الجيِّدة مع الغَرْب هي شكل من أشكال العزلة".


وبدون أدنى شكٍّ، لم تَجِد عدائيَّةُ حزب العدالة والتنمية تُجاه الغرب صدًى عند الشَّعب التُّركي، إلاَّ بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والْحروب التي تلَتْ ذلك، ونَجَح حزْبُ العدالة والتنمية في التأطير لِغَزو العراق كهَجْمة غربيَّة على المسلمين، بِما فيهم الأتراك، والتَّجذير لتركيا في مُعَسكر العالَم الإسلامي، كما نجح حزْبُ العدالة والتنمية بعد ثَماني سنوات من تولِّيه الحكم - والَّتي تعد مدَّة طويلة وغيْر مألوفة في الحياة السِّياسية التركيَّة، بل والأطول على الإطلاق في تاريخ الديمقراطية التُّركية، إذا ما تَمكَّن الحزبُ مِن تكرار الفَوْز بالانتخابات العامَّة الْمُقبلة في يونيو 2011 - في ترجمة أفكاره إلى سياسات واقعيَّة على الأرض؛ إذْ قام الحزب بزرع قُضاة متعاطفين معه بالمَحاكم العليا بعد فوزِه باستفتاء مَنْحه سُلْطة تعيين كبار القُضاة دون الحاجة إلى تصديقٍ مِنَ البَرلمان.

كذلك سعى الحزب إلى تقليص دور الجيش في شؤون الحكومة، ورغم أنَّ هذه الخطوة تبدو مفيدةً للعمليَّة الديمقراطية، إلاَّ أنه قد ثبت عكْسُ ذلك، فقد استغلَّت الحكومة قضيَّة "أرجينيكون"، وهي كلمة تَرْمز لِمُنظَّمة وطنيَّة زعم أنَّها كانت تدبِّر لانقلاب، كذريعة للانقضاض على المؤسَّسة العسكريَّة والقبض على المناوئين السياسيِّين وتَحْييد الْمُعارضة.
ولا شكَّ أن حزبَ العدالة والتنمية بِما يمتلكه من "كوادر" مؤلَّفة من مليارديرات الإسلاميِّين، والشخصيَّات الإعلامية البارزة، ومؤسَّسات الفِكْر والرأي والجامعات، هو المؤهَّل الأَوْحد على الساحة التُّركية للقيام بدور النُّخبة التي تُمْسِك بِمِقْوَد عقليَّة الشَّعب التُّركي؛ فقد أكَّد اقتراعٌ أجرَتْه مؤخَّرًا المؤسسةُ التُّركية للدِّراسات الاقتصاديَّة والاجتماعية TESEV - وهي منظَّمةٌ غيْرُ حكوميَّة، مقَرُّها إسطنبول - أنَّ عددَ الأتراك الذين يعرفون أنفسهم كمُسْلمين قد تزايد بنسبة 10 % بين عامَيْ 2002 و2007، وأنَّ نصف هذا العدد يصنِّفون أنفسهم كإسلاميِّين، مِمَّا يعني اعتقادهم بأنَّ هذه الإيديولوجيَّة المتعصِّبة هي التي ستحلُّ مَحلَّ الديمقراطية العلمانيَّة في توجيه النِّظام السياسي التركي، ويُعدُّ هذا تَحوُّلاً مطلقًا عن رؤية أتاتورك التي تنظر إلى الأتراك باعتبارهم غربيِّين وعلمانيِّين سياسيًّا، وإسلاميِّين في نفس الوقت.

وبحسب "مشروع بيو للتوجُّهات العالَميَّة" الصَّادر مُؤخَّرًا، والْمُنذِر بالْخَطر، فإنَّ 56 % من الأتراك يَعْتبرون الولايات المتَّحدة تُمثِّل تَهْديدًا عسكريًّا، وتناسبَت الرغبة في التَّعاون مع الشَّرق الأوسط طرديًّا مع تنامي مشاعر التوجُّس ضدَّ الغرب، حيث يُشير تقرير التوجُّهات العابرة للأطلسي إلى أنَّ 20 % منَ الأتراك يرغبون في زيادة التَّعاوُن مع الشَّرق الأوسط مُقارنة بـ 10 % عام 2009.
والحقيقه ان ما فعله نظام اردوغان باقتصاد تركيا شىء مدهش ورائع حيث طفرت القوه الاقتصاديه لتركيا بمراحل متعدده وذلك بفضل توجهات حزب العداله والتنميه التركى

تشكل قصّة نجاح حزب العدالة و التنمية في المجال الاقتصادي التركي احدى اهم عوامل ازدياد شعبية الحزب جماهيريا و من العناصر الأساسية التي دفعت إلى إعادة فوزه بالانتخابات التشريعية و الرئاسية لهذا العام و التي استطاع من خلالها اكتساح جميع منافسيه و خصومه و إحراج النخبة العلمانية و الجيش و وضعهم في خانة ضيقة.

و لا تقتصر مفاعيل النجاح الاقتصادي و تأثيراتها على الداخل التركي فقط بل تتعداه إلى إطارها الإقليمي و الدولي و هو الذي قد يسمح لها في الأجل القريب بلعب أدوار إقليمية كبيرة، يكون الاقتصاد العامل الأول وراء تحريكها.

لقد كان الوضع الاقتصادي البائس و الانهيار اتجاري و المالي لتركيا يشكّل التحدي الأول و الأساسي و الرئيسي لحزب العدالة و التنمية عند تسلمه لمقاليد السلطة في تركيا منذ أربع سنوات.

استطاع الحزب في هذه الفترة بقيادة رجب طيب اردوغان و بمساعدة أيضا عبدالله غول عبر السياسة التي تمّ انتهاجها النهوض بالاقتصاد التركي بما يشبه المعجزة، ما انعكس ايجابيا على نظرة الجمهور التركي للحزب خاصة بعد عقود طويلة من فضائح الفساد و الرشاوى و البؤس المالي و الاقتصادي الذي عاش فيه الأتراك في ظل الحكومات العلمانية و القومية المتتالية على الحكم.

وفقا لتقرير تركي اعدّه "كريم بلدجي"، فقد حققت صادرات تركيا أرقاما قياسية و هي تحطّم الرقم تلو الآخر و وصلت الى 100 مليار دولار، و قد نما الناتج المحلي الإجمالي خلال الأربع سنوات و نصف من 181 مليار دولار ليصل الى 400 مليار دولار.

امّا معدّل الدخل الفردي فقد ارتفع من 2589 دولار للفرد عند مجيء حزب العدالة و التنمية للحكم الى حدود 5700 دولار. و بينما كان النمو الاقتصادي في تركيا يشكل نسبة 2.6% منذ الأعوام 1993 و حتى العام 2002، فقد ارتفعت هذه النسبة بشكل هائل و مضاعف و سريع الى 7.3% في الأعوام ما بين 2003 -2007.

و استنادا الى الأرقام التي يطرحها رئيس جمعية الصناعيين و التجاريين المستقلة التركية "عمر بولات"، فانّ الفجوة بين اعلى دخل لـ 20% من المجتمع التركي و اقل دخل لـ 20% منه قد تدنّت في فترة حزب العدالة و التنمية و خاصة بين الأعوام 200 و 2007 إلى 7.1%.

و وفقا لتقرير صادر عن مركز "ستراتفور" الشهر الماضي، فانّ الاقتصاد هو احد أهم العوامل التي ستسمح لتركيا باستعادة دورها الاقليمي الذي كان سائدا قبل 90 سنة. ففي عام 2006، حققت تركيا المركز الـ 18 للدول الأعلى نموا في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي، و قد حققت نموا مستمرا بين 5 و 8 % في السنّة لأكثر من خمس سنوات حتى الأن، لتحل خلف بلجيكا و السويد مباشرة.

و في العام 2007، تقدّمت تركيا مركزا لتحتل المركز الـ 17 بناتج اجمالي يساوي حوالي 414 مليار دولار خلف هولندا و استراليا مباشرة بعد ان كانت تركيا تحتل المركز الـ 26 في العام 2002 و بواقع 183 مليار دولار فقط.

و يشكّل الاقتصاد التركي بحسب التقرير اكبر اقتصاد إسلامي على الإطلاق متفوقا بذلك حتى على حجم الاقتصاد السعودي، مع الأخذ بعين الاعتبار انّ تركيا حقّقت ذلك دون انضمامها إلى الاتحّاد الأوربي، و لنا ان نتخيّل قدرتها اذا ما تمّ قبولها فيه.

تركيا ليس الصين من الناحية الاقتصادية، و لكنها بالتأكيد تشكّل أكبر اقتصاد في شرق المتوسط، جنوب شرق أوروبا، الشرق الأوسط و منطقة القوقاز. صحيح انّ هذا النمو لازال هشّا و قد يتم عرقلته، لكن الصحيح ايضا اننا نرى تقدّما نحو الأمام و ليس الخلف، كما انّ الاقتصاد التركي بات يشكّل الاقتصاد الاقليمي الأكثر ديناميكية و قيادية. و اذا ما اضفنا الى كل هذا موقع تركيا الجغرافي و دوره في ان تضم تركيا اكبر شبكة نقل و مرور للطاقة في العالم، فان التحليل يقودنا الى انّ دور تركيا في تعاظم مستمر و يتجه نحو استعادة حالته التاريخية و ان بشكل بطيء .

المشكلة التي تحد من اتساع النفوذ الاقتصادي التركي اقليميا تكمن في العقبات التي تواجهه عسكريا و سياسيا و التي تشكّل سدا يحول دول توسعه. فتأثير الاقتصاد التركي في البلقان يحدّه الاحتكاك و النزاع مع اليونان، و التأثير ايضا في القوقاز يحد منه الى درجة ما الاحتكاك و النزاع مع أرمينيا، و الوضع المتأزم مع العراق و المتوتر بين الحين و الآخر مع سوريا يحول دون النفاذ جنوبا، امّا شرقا فإيران تسعى الى منع امتداد نفوذ انقرة لانه سيكون بديلا لنفوذها في حال حصول ذلك.

اذا ما استمر الصعود التركي على هذا النحو، فان ذلك سيفرض على جيرانها ان يكونوا اقل عداوة تجاهها، لان القوة الاقتصادية و الديناميكية التبادلية تفرض ذلك على الجميع. و فيما ينمو الاقتصاد التركي و يتطور الدور السياسي لتركيا، فان القوة العسكرية ستكون مجرد تحصيل حاصل، فالاقتصاد القوي يدفع نحو جيش قوي و مع الوقت فانّ النفوذ التركي في المنطقة سيكون مساويا لحجم التطور الاقتصادي و السياسي و العسكري الذي تشهده حاليا.

امّا على الصعيد الداخلي، فان الاقتصاد سيشكل الدعامة الأساسية التي سيسعى حزب العدالة و التنمية من خلالها النفاذ لجميع شرائح المجتمع ليثبت لهم انّه الأقدر و الأكفأ على قيادة تركيا و تمثيل الشعب التركي.

ورغم ان النجاح الاقتصادى والتقدم الاقتصادى لتركيا وقع بعد وصول حزب العداله الى الحكم ناهيك عن اصلاحات اخرى متعدده الا ان السلفيين لا يفضلون النموذج التركى لنظام حكم فى مصر بعد الثوره بالرغم من تقبل جماعات اخرى لنموذج حزب العداله والتنميه التركى كالاخوان المسلمين مثلا

والحقيقه ان مساله النمط التركى فى الحكم تختلف من بلد لاخر لكن يرى البعض كالاخوان المسلمين الذى زاره احد اعضاءه تركيا للتعرف على منظومه حزب العداله يرون ان نظام حزب العداله هو الامثل للحكم فى مصر
والحقيقه ان حزب العداله التركى بقياده اردوغان لاقى رواجا وشهره وسمعه طيبه تحت بسبب عده محاور منها مواقف اردوغان الخارجيه تجاه اليهود وامريكا وهى مواقف مشرفه وزادت من شعبيه الرجل داخليا وخارجيا ومواقفه ونهضه تركيا الاقتصاديه والعلميه على يديه وابان حكمه وتشجيعه على الحوار بين الاطياف واعطاء الاكراد حقوقهم وفتح مدارسهم واستعمال لغتهم واعتبارهم جزء لا يتجزا من الوطن التركى
واهتمام اردوغان بالبعد التاريخى لبلاده فقد كانت تركيا مهمد الخلافه الاسلاميه على مدار عقود طويله وان اردوغان حفيد محمد الفاتح وسلاطين العثمانيين العظماء

الا ان البعض يرون ان تلك المسائل لا تهم الا انه قد يرى البعض الاخر ان تجربه حزب العداله جديره بالحترام وتمثل الاسلام الوسط المعتدل
المنفتح على الاخر

ولقد بهر ت تجربه حزب العداله بعض الجماعات والدول معا فقد سعى البعض لتقليد الحزب او السير على نهجه خاصه الاخوان المسلمون فى مصر

الحقيقه ان النظام الاردوغانى لابد ان يكون له عيوب فلا يوجد نظام فى العالم وعبر التاريخ كاملا حتى النظم الاسلاميه الحديثه والقديمه لم تكن بالشكل المطلوب دينيا ويذكر لنا التاريخ مواقف عده من طغيان الانظمه فى العصرين الاموى والعباسى باسم الدين

والسؤال الان هل النظام التركى متمثلا فى حزب العداله يمكن تطبيقه فى مصر الثوره وهل هو النظام الامثل

يقول الدكتور عمر عبد العزيز(



• حزب العدالة والتنمية التركي نموذج رشيد لحزب لا يضع مقابلة ميكانيكية بين الإسلام والتطور، بل العكس تماماً، وتبعاً لذلك يتأسّى مفكرو الحزب بالعلامة «بديع الدين النورسي» وأمثاله ممن أسهموا في تعميم الإسلام الوسطي المتصوف، المركوز في أساس الشرف والزهد والتضحية والعدل .
• لم يتخلّ الحزب عن النظام الديمقراطي التعددي، ولا الفصل «الإجرائي » بين العقيدة ونظام الدولة، دونما مساس بالدين، وفي هذا رد بليغ على الطرفين المتطرفين سواءً كانوا من الإسلاميين المتسلّفيين «نسبة إلى السلفية الطهرانية»بطريقة تسيء للدين والسياسة معاً، أو كانوا يمينيين يتوسلون اتهام حزب العدالة والتنمية بأي شكل من الأشكال .
• تركيا بقيادة هذا الحزب حققت تنمية مستدامة، وارتقت بحياة مواطنيها وفتحت آفاقاً جديدة للتنمية، فيما أبهرت أوروبا والعالم بنجاحاتها الاقتصادية، وأكبر شاهد على ذلك ما تعانيه اليونان المجاورة لها.
• استطاعت قيادة حزب العدالة والتنمية تطبيع العلاقات مع اليونان، وحلحلة المشكلة القبرصية، بل وأسهمت في تنمية التجارة والتبادل مع الجزيرة واليونان معاً .
• اتجهت تركيا في عهد حزب العدالة والتنمية لتعظيم علاقاتها التاريخية مع الجوار العربي، وعقدت اتفاقات بناءة مع سوريا، بما في ذلك انسياب الحركة التجارية والبشرية بين البلدين، وتسهيل الإجراءات الحمائية الجمركية ، والعمل على ضح المزيد من مياه المنابع النهرية لصالح سوريا والعراق .
مقطع القول إن التجربة التركية الحديثة انطلقت من مرئيات وحيوية الحراك الذي تبنته قيادة حزب العدالة والتنمية، ونالت فيه هذه المثابة المستحقة دون جدال .





تباينت رؤى الإسلاميين في تقييمهم “التجربة التركية” كنموذج للحكم يصلح الاقتداء به في بلادهم التي يعصف بها الاستبداد من جهة، ويشوب العداء علاقتهم بمؤسسات السلطة فيها من جهة أخرى، فبينما رآها البعض النموذج الأمثل الذي يسعى جاهدا لتطبيقه، دون أن تكون له عليها شائبة تذكر، اعتبرها آخرون محاولة جديدة لاحتواء حركة الإسلام السياسي الصاعد، بينما تحفظ عليها البعض الآخر فلم ينكر إيجابياتها، وإن كان لم يقصر وهو يعدد مآخذه عليها.


وحيث تتطلع شرائح عديدة من الإسلاميين للبحث عن مخرج من المأزق التاريخي بين الحركة الإسلامية والسلطة، الذي تسوده مظاهر: الإقصاء، والمطاردة، وغياب الثقة، وحملات التشويه، يرجع تباين الرؤى بين الحركات الإسلامية بالأساس إلى تباين المدارس الفكرية التي ينتمي إليها الإسلاميون، وهم يتوزعون إلى ثلاث مدارس فكرية كبرى: مدرسة الإخوان المسلمين، وأصحاب المنهج السلفي، والتيار الأيديولوجي الشمولي الذي ينشد المفاصلة مع الأنظمة الحاكمة، سياسياً كحال حزب التحرير أو عسكرياً كالحركات الجهادية.

وفي إطار الجهود لعملية استنساخ فعلي على الأرض، تنظر أوساط ثقافية وإعلامية إلى (حزب الوسط) باعتباره “النسخة المصرية” من العدالة والتنمية؛ حيث ينطلق الحزب المصري تحت التأسيس من استلهام تجربة الحزب التركي الحاكم، ويربط مراقبون بين شخصية مؤسسه المهندس أبو العلا ماضي -القيادي السابق في الإخوان المسلمين- وبين شخصية رجب طيب أردوغان في الخلفية الإسلامية مع “التطور الفكري الذي يواكب العصر بمفهوم إسلامي”، خاصة وأن ماضي كان قد أشاد بأردوغان وجماعته في مواقف ومناسبات عديدة.

ويرى مؤسس الوسط في العدالة والتنمية “نموذجا ممتازا لظروف تركيا” خاصة في التحول الديمقراطي، وعلاقة الإسلاميين بالسلطة، وحجم الإيجابيات غير المسبوق، مشيرا إلى أنه “قدم نموذجا حقيقيا للإسلام بدون رفع لافتة صارخة.. والعبرة بالمضمون وليست باللافتات”. وفي حديثه لـ”الإسلاميون.نت” لم يتذكر ماضي سلبية واحدة يأخذها على قيادات حزب العدالة والتنمية، خاصة أن خصومهم أنفسهم أقروا بنجاحاتهم، وإن أشار إلى أنه “لا توجد تجربة تخلو من الأخطاء”.

وحول مدى إمكانية استنساخ التجربة في مصر، يرى أبو العلا ماضي أنها تجربة “تستحق الاحترام، ويستفاد منها”، لكنها في الوقت نفسه تجربة “لها خصوصية، ولا نستطيع التعميم، لو نجح أي حزب له مشروع كهذا واستطاع الوصول إلى السلطة ويحقق نجاحات فما المانع في هذا؟”.
لسلفيون اتخذوا موقف وسطا، إذ يرون أنه يجب التفرقة بين “الفرحة لتنامي الصحوة الإسلامية” في تركيا، وبين ما اختلط بذلك من أمور غير شرعية “لا يجوز إلا بغضها والاعتراض عليها”، في إشارة إلى قبول الإسلاميين الأتراك الديمقراطية والعلمانية كأسس ونظريات ثابتة للحكم، فضلا عن وجودهم في الوقت الذي يجري فيه سن قوانين مخالفة لأحكام الشرع الإسلامي كقانون البغاء “لاسيما أن حزب العدالة الإسلامي بأسره وجول (الرئيس التركي) نفسه أقسم على المحافظة على علمانية البلاد”، على حد قول الشيخ عبد المنعم الشحات -أحد رموز الدعوة السلفية في الإسكندرية- في مقالة بعنوان: (السلفيون ودخول الحجاب إلى القصر التركي).

ومدللا على ما قال يضيف : “معلوم أن الحكومات “الإسلامية” المختلفة التي حكمت تركيا بداية من حكومة “أربكان”، ومن جاء بعده التزمت باستخراج تصاريح البغاء للبغايا، بل إن إلغاء تحريم الزنا قد سنه البرلمان الذي يسيطر عليه حزب العدالة”، فهي تجربة بها إيجابيات كثيرة بنظر السلفيين، ولكن ذلك لم يمنعهم من أن يسجلوا تحفظاتهم الشرعية عليها.

سلفيو الإسكندرية -الذين يرفضون دخول العملية السياسية تحت أي مظلة غير مظلة الإسلام- يرون أن المسلم غير مضطر لقبول العلمانية والديمقراطية والتعامل معهما بحجة أن “العلمانية والغرب (…) لن يسمحا مطلقا للإسلاميين بالتواجد إلا تحت مظلتهم”؛ إذ لا يُسمح بالمداهنة في مجال الدعوة، وهنا يتساءل الشحات: “ماذا سيجني الإسلام إذا ما وجه أبناؤه المخلصون كل جهودهم ليصلوا إلى سدة الحكم، ويطبقون هم العلمانية بأيديهم حتى وإن عملوا على كبح جماح غلوها شيئا فشيئا؟ ومن الذي يضمن لنا عدم تشبع الأجيال الشابة من هذه الأحزاب الإسلامية بهذه الأفكار العلمانية التي يرون قادتهم يطبقونها، بل وينسبون الكثير منها إلى الإسلام”.

ويخشى السلفيون من أن يفقد الناس الثقة في الدين “لاسيما أن الداخلين في هذه اللعبة يزعمون أن ما يقولونه ويفعلونه هو من الدين”؛ مما يجعل الدين ألعوبة في يد كل متلاعب، ويجعل الناس يتساءلون: “هل هو فيه بالفعل، أم أنها المساومات السياسية؟ وهل يمكن أن يُفتَى في بلد شديد التطرف في العلمانية بجواز استخراج الموظف المسلم لتصريح البغاء للبغايا، بينما يُفتَى في بلد آخر أقل تطرفا في تطبيق العلمانية -كالكويت مثلا- بوجوب سعي النواب الإسلاميين إلى منع الحفلات الماجنة؛ لأن من واجبات ولي الأمر الأخذ على أيدي الفاسقين، وينسب هذا وذاك إلى الشرع”.
ولو تاملنا المساله قليلا لوجدنا عده نقاط هامه
ان مصر الثوره ليست بحاجه فعلا الى الدخزل فى نظام حكم معين الان بل الاهم ان يكون الحكم مبنى على الاختيار والعداله والمساواه ومراعاه الحقوق وباى شكل اما الاهم هو بناء مصر المنهوبه والبحث عن وسائل التقدم والانتاج والصناعه والتجاره والاصلاح الاقتصادى والسياسى
هذا اولا واهم من اى نظام حكم قادم بل بناء مصر اولا مقدم على تطبيق الشريعه
لان الشريعه لا تطبق على جائع او محتاج او مريض او منهار اقتصاديا فمصر الان تحتاج الى طفره اقتصاديه وفكريه اقتصاديه لبناء الوطن المنهوب وفكريا للتخلص من عهود الفكر السلطوى المنفرد بالمال والسلطه وبناء مصر الحديثه يحتاج الى نهضه فكريه جديده يساهم فيها الجميع وليست فئه معينه
وتحتاج الى الوحده للبناء واستعمال العقل والخبرات وتقبل الحوار وبناء فكر جديد محترم معتدل
والنموذج التركى وان كان الافضل حاليا عند البعض الا انه ليس محل تطبيق عند البعض الاخر اما بعد البناء والتخلص من منظومه عاثت فى الوطن فسادا زمنا طوبلا
فبعد التقدم الاقتصادى والبناء الاقتصادى والفكرى يستطيع اى نظام حكم عادل تحت اى مسمى ان يرى طريقه الى النور وتحتضنه الجماهير طالما انه نظام عادل وجاء فى ظروف مناسبه
وبعيدا عن تقبل الاخوان للنظام التركى او رفض السلفيين له الا انه ما يتفق عليه ابناء الوطن هو البديل لان اراده الامه من اراده الله تعالى لكن لابد اولا من البناء والحوار والاتحاد واستعمال العقل والترابط بين ابناء الشعب الواحد والسعى للنهضه باقتصاد مصر وترسيخ مبدا الحريه والحوار والتفاهم والتوفيق بين الاراء الفكريه حتى نصل بالوطن الى بر الامان وترسيخ مبادىء الحريه والعداله والمساواه والحفاظ على ثوابتنا الاسلاميه ومراعاتها فى ظل الحوار وتقبل الاخر والنهضه بالوطن اولا
وجميعنا يرغب فى تطبيق الشريعه ولكن ليس باسلوب السلفيين المعاصرين وانما باسلوب الكتاب والسنه وائئمه الهدى وعن طريق القانون وحاكم عادل ياتى باراده الشعب وفى جو من التفاهم وبعد ترسيخ مبادىء الاسلام اولا بين ابناء الشعب كالحريه والمساواه والشورى والعداله وغيرها من مبادىء الاسلام العظيمه وبعد بناء مصر اولا وبعد توفير الماوى والملبس والعمل والامن للجميع وتحقيق الرفاهيه والنهضه اما ان اطبق الشريعه فى ظل غياب الامن والفساد وعدم تحقيق العداله والمساواه فمن قال بهذا لانه باختصتار تحقيق المصلحه وترسيخ قيم العداله والحريه والمساواه مقدمه على تطبيق الشريعه التى يحصرها البعض فى الحدود التى يراها المفكرين والفقهاء انها من الصعوبه بمكان تحقيق شروطها مع وجود كم رهيب من الشبهات تمنع تحقيقها خاصه فى العصر الحالى
والمساله تحتاج لمجلدات وانما قارنا الوضع التركى لكثره الحديث عنه رغم ان النموذج التركى قد يكون مناسبا الان لانه الاقرب الى الواقع العملى
فى ظل الضعف العام الذى تشهده البلاد فتجربه حزب العداله رائعه فى هذا المجال




هناك تعليق واحد:

  1. أنت رجل أعمال ، سياسي ، موسيقى ،
    طالب وتريد
    لتكون غنية وقوية ومشهورة في الحياة
    يحتاج إلى القوة
    لتحقيق أحلامهم. يمكنك تحقيق
    أحلام من قبل
    عضو في Illuminate. مع كل ما لديك
    الأحلام و
    رغبات القلب التي يمكن أن تحقق بالكامل إذا كنت
    اريد حقا
    لتكون عضوا في الأسماء العظيمة لل
    تضيء لك
    يمكن أن تجعل الاتصال مع (illumenatirichtemple@gmail.com)
    الدول ................. ............................. الدولة.
    أو
    دعوة ملكة جمال سارة على ويمكنك أيضا إضافة هار على whatsapp +2348104857337 شكرا لك

    ردحذف